مصادر التطرف الأساسية

عند الحديث عن التطرف (أو ما يسمى أيضا الراديكالية الإسلاموية) ينبغي الانتباه إلى ثلاث فئات من المنابع التي ترفده، وهي: الظروف والسياقات والأحداث المحفزة.
1- الظروف هي عوامل لها وجود دائم أو شبه دائم. إنها تهمّ بلداناً يحدد الإسلام فيها إلى حد ما الثقافة والدين. وهي في معظم الحالات دول ولدت من رحم الاستعمار، وشهدت بعد الاستقلال تجربة نماذج اقتصادية وسياسية لم تستطع الاستمرار، وبالتالي فشلت في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام ومؤسسات سياسية مستقرة وتمثيلية. وقد لعب فشل نموذج التنمية دورا رئيسيا في صعود "النموذج الإسلاموي (أو الإخواني)، الذي يؤكد أن "الإسلام" فيه كل الأجوبة، وأنه يقدم حلّ أية مشكلة. وقد خلق الصدام بين أنظمة أخفقت في خيارات التنمية، وبين هذا النموذج الإسلاموي الانجراف نحو التطرف، وذلك بسبب عدم وجود هياكل ديمقراطية للنقاش والتبادل الحر للأفكار.
2- السياقات (أو العمليات) هي التطورات على فترة زمنية قد تطول شيئا ما، بحيث يكون لها تأثير على المجتمع والدولة. وقد تكون ناجمة عن أحداث كارثية داخلية أو خارجية. نتحدث لهذه الغاية مثلا عن سياق أو عملية سلام إسرائيلي فلسطيني، أو عن سياق أو عملية إعادة استقرار (في العراق أو أفغانستان، الخ). ويمكن أن تكون أيضاً تطورات أيديولوجية. نكون آنذاك في مواجهة تشوّهات تمارس تأثيرا على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية بحيث تسد مسالك السياسة، لكونها محمولة عبر قنوات مؤسساتية. وهي تشمل: الأسرة، والتعليم، والدين، والنظام الاقتصادي والنظام السياسي.
3- أما الأحداث المحفزة، فهي تطورات كبرى -كالحروب والثورات- تُغيِّر تماماً الديناميات السياسية في بلد أو منطقة. ومن بين الأحداث المحفزة التي شكلت الديناميات السياسية في الشرق الأوسط على سبيل المثال:
- حرب الأيام الستة عام 1967.
- الثورة الإيرانية عام 1979.
-الغزو السوفياتي لأفغانستان في عام 1979 ثم الانسحاب.
- حرب الخليج عام 1991.
- حرب العراق عام 2003.
- وثورات الربيع العربي بداية من 2011.
من الواضح أن العالم العربي يقف اليوم على الأقل في مواجهة مصدر مهمّ من هذه الفئات الثلاث، وهو الأحداث المحفزة (هذا إن لم يكن يواجه المصادر الثلاثة في آن معا). فمن الواجب الانتباه.