Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«حزب الله» من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي إلى قتال السوريين

«حزب الله» من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي إلى قتال السوريين

تشهد شعبية حزب الله التي اكتسبها في الماضي من خلال مقاومته للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، هذه الأيام أقوي حالات التراجع، سواء في الداخل اللبناني أو خارجيا في العالمين العربي والإسلامي، بعدما انضم مق

A A
تشهد شعبية حزب الله التي اكتسبها في الماضي من خلال مقاومته للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، هذه الأيام أقوي حالات التراجع، سواء في الداخل اللبناني أو خارجيا في العالمين العربي والإسلامي، بعدما انضم مقاتلوه إلى جانب قوات بشار الأسد في حربه ضد قوات المعارضة وضد مطالب الشعب السوري بالكرامة والحرية والعدالة، وتسببت عمليات النظام العسكرية خلال 3 سنوات من النزاع المسلح استعمل خلالها مختلف الأسلحة، وقصف بالبراميل المتفجرة المدن والقري السورية مما تسبب في مقتل أكثر من 130 ألف سوري عدا ملايين النازحين داخليا وخارجيا.
يتواجد تنظيم حزب الله على ساحة لبنان السياسية والعسكرية على مدى أكثر من عشرين عامًا، وقد اكتسب شرعيته عن طريق المقاومة العسكرية للوجود الإسرائيلي خاصة بعد اجتياح بيروت عام 1982، واكتسب شعبية كبيرة بعدما كان أحد الأسباب الرئيسية خلف انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في مايو من عام 2000، وتصدّيه له في حرب يوليو 2006 رغم تعرض لبنان لخسائر بشرية ومادية كبيرة، إلا أن واقع اليوم يختلف، فبات الحزب حجر عثرة في استقرار الداخل اللبناني وفي استقرار المنطقة نتيجة ارتهانه للقرار السياسي الإيراني، وما تأخر تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية إلا أحد انعكاسات مشاركته إلى جانب النظام السوري في القتال الدائر في سورية السلبية.

نشأة الحزب
تعود بذرة إنشاء حزب الله إلى منظمة الجهاد الإسلامي، التي تشكلت في عام 1982، خلال الغزو الإسرائيلي للبنان، وطرد قوات المنظمات الفلسطينية المرابطة في جنوب لبنان، الذي أحدث فراغا في المقاومة، في جنوب لبنان، المحاذي والمتداخل جغرافيًا مع شمال إسرائيل؛ حيث كان الممر والمستقر للجيش الإسرائيلي الغازي للبنان..
وكان قادة الثورة الإسلامية بعد اندلاعها في إيران العام 1979، حددوا منذ البداية عداء الثورة لإسرائيل وتصديها للوجود الصهيوني والغربي في المنطقة؛ وعليه بدأت الحكومة الإيرانية الجديدة، بدعم حركة أمل، بالسلاح والمال.. وبما أن حركة أمل تأسست قبل قيام الثورة الإيرانية بأربع سنوات، وكذلك قبل سنة من تدخل الجيش السوري في لبنان، عام 1976، وكذلك قبل غزو إسرائيل للبنان، بسبع سنوات؛ فقد كانت لها ارتباطاتها الداخلية والخارجية، والنابعة من نظرتها هي لمصلحتها الذاتية أو كما هي تعده مصلحة لبنان.. وهنا تكمن صعوبة ادعاء إيران أو سورية أو غيرهما بالفضل في تأسيس حركة أمل، ولا في دخولها المعترك السياسي اللبناني، كقوة من القوى اللبنانية الوطنية المعتبرة. كما أن حركة أمل ـ مثلها مثل بقية التنظيمات والأحزاب اللبنانية ـ انغمست في غمار صراع الحرب الأهلية اللبنانية، التي وصلت في بعض الأحيان درجة من التوحش، تفتقر إلى أي تنظيم وتفتقد المصداقية الأخلاقية المقنعة.
كان تعامل الحكومة الإيرانية مع حركة أمل في لبنان؛ ولكن سرعان ما فكر قيادات جهاز الحرس الثوري الموجودون في لبنان، في تكوين حركة ثورية تكون أقرب وآمن لهم من حركة أمل والحركات الثورية الأخرى؛ فتم تجنيد بعض الشباب المتحمسين جدًا لنهج الإمام الخميني من شبيبة حركة أمل، وتكوين حركة الجهاد الإسلامية السرية منهم؛ والذين بدورهم شكلوا النواة الأولى لحزب الله في جنوب لبنان والبقاع، وفي الضاحية الجنوبية أيضًا، حيث كان من المفترض أن تعزل المقاومة الإسلامية الجديدة عن حركة أمل، وتجنب التورط في الحرب الأهلية اللبنانية؛ لتركز جل اهتمامها وقوتها وجهودها على مقاومة القوات الإسرائيلية الغازية للبنان.
ولقد حقق التنظيم السري، حركة الجهاد الإسلامية، ضربات قاتلة وموجعة للجيش الفرنسي والمارينز الأمريكي في لبنان، اضطرهما لمغادرة لبنان؛ مما أقنع القيادة السورية، التي يوجد جيشها آنذاك بكثافة في لبنان، ممثلًا لقوات الردع العربية، بمعاضدة ومساندة الحرس الثوري في دعم وتدريب وتسليح وتقوية تنظيم الجهاد السري، وتحويله إلى مقاومة مسلحة علنية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان. ويظهر بيان صادر عن حزب الله في 16 فبراير 1985؛ أن الحزب «ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة»، مدى ارتباط الحزب العضوي بإيران منذ بداية نشأته.
مشاركة الحزب إلى جانب نظام الأسد في الصراع السوري:
وبالعودة إلى حاضر الحزب وبعيدا عن التاريخ، فقد شارك حزب الله منذ وقت مبكر في عدد من المعارك إلى جانب النظام السوري، وأشهر تلك المعارك هي معركة القصير.
وقد نشر تقرير دولي يتهم حزب الله بارتكاب جرائم حرب في سورية. وقال حسن نصرالله في أحد خطاباته بأنهم -أي الحزب- باقون في سورية ما دامت الأسباب قائمة، وذكر في إحدى مقابلاته أن قتلى الحزب في سورية لم يتجاوز 250 قتيلا، فيما ذكرت وسائل إعلام أخرى أن هناك ما يقارب 1000 قتيل للحزب في سورية

انتقادات للحزب بسبب قتاله في سورية:
وقد تعرض حزب الله لانتقادات داخلية وإقليمية ودولية نتيجة تدخله في الشأن السوري، وهو الأمر الذي انعكس سلبا علي الداخل اللبناني وأدى إلى تكريس الانقسام السياسي في البلد، وإلى تأخير تشكيل الحكومة، وانتقد الرئيس اللبناني ميشال سليمان حزب الله باستقلاله عن منطق الدولة وتخطيه الحدود والانخراط في نزاع مسلح، ومن جانبه قال رئيس تيار المستقبل سعد الحريري أن تدخل حزب الله في سورية جريمة في حق اللبنانيين والسوريين، وأعلنت حركة 14 آذار عدم مشاركتها في حكومة مع حزب الله إلا بعد انسحابه من سورية، بل وحتى الأمين الأول لحزب الله صبحي الطفيلي قال إن زج حزب الله بمعركة سورية فتح الباب أمام حرب مذهبية.
أما سامي الجميّل فقال إن تدخل حزب الله في سورية يجر التكفيريين إلى لبنان، ومن جانبه اتهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع- تعليقا على العمليات الإرهابية التي شهدها لبنان في الأشهر الماضية- حزب الله بأنه جاء بالإرهابيين إلى لبنان نتيجة ذهابه للحرب في سورية بدعوى محاربة هؤلاء الإرهابيين.ومن جهته فإن مجلس التعاون لدول الخليج العربية قال إن تدخل حزب الله في سورية يعرقل مفاوضات جنيف 2 وأعرب عن قلقه من انعكاسات الأزمة السورية على الأوضاع في لبنان.

الحزب ما بين الإرهاب والمقاومة:
مما سبق ذكره يتضح لنا أن عددًا من الحكومات تختلف حول شرعية وجود حزب الله من الناحية العسكرية أو السياسية أو كلتيهما. فمنها من يعتبره حركة مقاومة شرعية بكل أجنحتها العسكري منها والسياسي. ومنها من يعتبر الجناح السياسي للحزب هو الأمر المقبول والشرعي دون جناحه العسكري، وذلك لاعتبارها عمل الحزب العسكري «إرهابًا». والبعض الآخر يرى الحزب بِكِلا جناحيه «منظمة إرهابية» غير شرعية

الحزب وقضية اغتيال رفيق الحريري
اتهمت المحكمة الدولية المكلفة النظر في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري حزب الله في التورط والضلوع في اغتيال الرئيس الحريري، وذلك بالتنسيق مع بعض قادة الجيش السوري، وقد قدمت المحكمة أسماء أربعة أشخاص ينتمون إلى الحزب بصفتهم المدبرين الرئيسين لعملية الاغتيال وهم: مصطفى بدر الدين وسليم العياش وأسد صبرا وحسين عيسى. بينما ينفي الحزب ذلك وقام بتقديم بعض الفيديوهات التي تظهر مراقبة طائرة إسرائيلية لسيارة رفيق الحريري قبل الانفجار. وبحسب المصادر السياسية فإن «مصطفى بدر الدين هو شقيق زوجة (القيادي في حزب الله) عماد مغنية (الذي اغتيل في 2008 في دمشق)، وعضو المجلس الجهادي وقائد العمليات الخارجية في الحزب. وبحسب المذكرة، هو من خطط وأشرف على تنفيذ العملية التي استهدفت رفيق الحريري»، أما سليم العياش «فهو أحد كوادر حزب الله، وبحسب مذكرة التوقيف هو مسؤول الخلية المنفذة للاغتيال ومشارك في التنفيذ»، أما أسد صبرا وحسين عنيسي (من مواليد 1974)، فمتهمان بـ»التواصل مع أبوعدس واخفائه في مرحلة لاحقة»، وأحمد أبوعدس هو من اتصل بقناة «الجزيرة» بعد اغتيال الحريري في عملية تفجير في 14 فبراير 2005 لتبني العملية.

محطات في تاريخ الحزب:
-كانت أولى العمليات التي قام بها الحزب واكسبته شهرة مبكرة في العالم العربي، قيامه بنسف مقر القوات الأمريكية والفرنسية في أكتوبر عام 1983، وقد أسفرت تلك العملية عن مقتل 300 جندي أمريكي وفرنسي.
ولاحقا فقد نسب إلى الحزب الفضل في الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان العام 2000م وسط احتفالات كبيرة قام بها الحزب وأنصاره وتناقلتها وسائل الإعلام المختلفة.
أما أكبر المحطات في تاريخ الحزب فحدثت العام 2006 مع اندلاع حرب إسرائيل – حزب الله كما كان يطلق عليها الإعلام الغربي نتيجة شن حزب الله عملية اسماها «الوعد الصادق»، بعد يأسه من عملية مفاوضات لإطلاق أسري لبنانين في السجون الإسرائيلية، وأدت «الوعد الصادق» إلى أسر جنود إسرائيليين، فبادرت مباشرة القوات الإسرائيلية وأقتحمت الجدار الحدودي ودخلت إلى الأراضي اللبنانية، فقامت قوات حزب الله بقصف دبابتين، فقتل 8 جنود إسرائيليين، من بينهم إيهود غولدفاسر وإلداد ريغف الذين أسرا إلى لبنان دون الإبلاغ عن مصرعهما. وبالرغم من إعلان أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله لاحقا بأن عملية الوعد الصادق لا شأن للحكومة اللبنانية بها، إلا أن رد فعل إسرائيل على اختطاف ومقتل جنودها كان عنيفا إذ مات في العملية التي أطلقت عليها إسرائي الجزاء العادل ما يقرب من ألف وخمسمائة لبناني، ونزح نصف مليون آخرين عن ديارهم، هذا عوضا عن الخسائر المادية الجسيمة، وقد قال حينها نصر الله: إنه لو كان يعلم تكلفة أسر الجنود الإسرائيليين ستكون بهذا الحجم لما أمر بها، لكن الحكومة الإسرائيلية بالمقابل تعرضت لانتقادات قوية خلص إليها تقرير لجنة فينوغراد لتقصي الحقائق الذي اعتبر الحرب الإسرائيلية على لبنان فاشلة ولم تحقق أهدافها.

البناء التنظيمي
رغم عامل السرية الذي يحرص الحزب عليه في أغلب نشاطاته، فإن ذلك لم يمنعه من الإعلان عن وجود بعض الهياكل التنظيمية التي تنظم عمل الحزب، منها على سبيل المثال:

هيئة قيادية.
مجلس سياسي.
مجلس تخطيطي.
كتلة النواب.
مجموعات تنفيذية.
هيئات استشارية.
ويتخذ القرار داخل تلك الهيئات بأغلبية الأصوات، ويعتبر مجلس شورى الحزب أعلى هيئة تنظيمية حيث يتكون من 7 أعضاء تسند إليهم مسؤولية متابعة أنشطة الحزب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

أمناء الحزب
صبحي الطفيلي
عباس الموسوي
حسن نصر الله
تصنيف حزب الله بين الإرهاب والمقاومة.
المصادر:1- ويكيبيديا 2- مقالة عبدالرحمن الوابلي (جريدة الوطن 16-8-2013)
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store