Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الشباب والصيف... برامج شبه غائبة

الشباب والصيف... برامج شبه غائبة

يدخل الصيف حاملاً معه حرارة الشمس القائظة، ولهيبها الساخن، غير أن هناك فئة من المجتمع لا تصفعها حرارة الصيف فحسب بل تتلقى صفعات أخرى من التهميش وانعدام أو قلة البرامج النافعة والطموحة، فتلجأ تلك ال

A A

يدخل الصيف حاملاً معه حرارة الشمس القائظة، ولهيبها الساخن، غير أن هناك فئة من المجتمع لا تصفعها حرارة الصيف فحسب بل تتلقى صفعات أخرى من التهميش وانعدام أو قلة البرامج النافعة والطموحة، فتلجأ تلك الفئة إلى أزقة الحواري ومنعطفات الشوارع الضيقة مع ما تخبئه تلك الشوارع والأزقة من مخاطر أخلاقية وتربوية تنعكس عليها في سلوكها، وفي أخف الأضرار فإنها تهدر طاقاتها فيما لا فائدة فيه رغم اكتنازها بمخزون ضخم من الحيوية والنشاط؛ إنها إجازة الصيف وإنهم فئة الشباب، فهل هناك استعداد حقيقي وبمستوى طموح ورغبات الشباب من قبل الأجهزة الرسمية وغير الرسمية لاستقبال هذا الضيف وتحويل حرارته إلى طاقة حركية شبابية مثمرة ومنتجة في المجتمع. هذا ما تناقشه (الرسالة) في ثنايا التحقيق التالي:
غازي كشميم- جدة
بداية قال الكاتب الصحفي علي القاسمي إن الشباب مظلوم إلى حد كبير خصوصاً من ناحية احتوائه من قبل المؤسسات المختلفة، وأشار القاسمي إلى أن هناك احتواءً إلى حد ما من قبل بعض الأندية الرياضية في جانب الرياضة لكن ليس كل الشباب يمارس الرياضة، وأشار القاسمي إلى أن الشعارات المرفوعة على الأندية والتي تقول إنها أندية (رياضية، ثقافية، اجتماعية) غير صحيحة؛ فالأندية تكرس جهودها فقط للرياضة وتلغي جميع أنشطتها الأخرى، موضحاً أن هناك دوراً ملحوظاً للهيئة العليا للسياحة حيث تحاول أن تكثف برامجها الصيفية الموجة للشباب رغم أن كثيراً من الأنشطة الترفيهية موجهة للعوائل، كما أشار القاسمي إلى أن المؤسسات الثقافية كذلك مثل الأندية الأدبية أو جمعيات الفنون ليس لها دور كبير في احتواء الشباب. وبين القاسمي أن الشباب بحاجة إلى من يستمع إليه فهناك من قد يقدم له بعض البرامج لكنها لا تتقاطع مع اهتماماته ورغباته، لذلك لا بد من الاستماع إليهم أولاً ثم تقديم ما يرغبون به ثانياً. وأشاد القاسمي بجهود بعض أندية ومراكز الأحياء والتي حاولت استقطاب الشباب بتعليق شاشات كبيرة لمشاهدة كأس العالم ومن ثم يستطيع النادي أن يحتوي الشباب أيضاً في مناشط مختلفة ثقافية وتربوية وغيرها وبالتالي ننشئ شباباً صالحاً لوطنه ومجتمعه. وقال القاسمي إن ضعف الدعم الذي تتحجج به بعض المراكز والأندية ليس صحيحاً، أو كافياً لعدم إقامة برامج، لأن كثيراً من البرامج لا تحتاج مزيداً من المال بالإضافة إلى أن الشباب أنفسهم من الممكن أن يساهموا في دفع تكاليف تلك البرامج. وأوضح القاسمي أن الدور الرئيس في احتواء الشباب بالأنشطة المختلفة هو على إمارات المناطق، لأنها حاضنة لكل الأجهزة الحكومية والوزارات وبالتالي تستطيع أن تنسق وأن تعقد ورش العمل لإخراج أفكار وأطروحات مميزة. وعن مؤسسات المجتمع المدني قال القاسمي إن مفهوم مؤسسات المجتمع المدني ما زال عائماً محلياً، والمساحة التي دائماً نتحدث عنها في هذا الجانب هي مساحة التطوع أما كمؤسسات قائمة فليس لهذا المفهوم وضوح في المجتمع. وأوضح القاسمي أن المخيمات الدعوية والصيفية في السابق رغم إنها كانت تؤدي دوراً مهماً في استقطاب الشباب إلا أنها كانت مصدر قلق وريبة إلا أنها في السنوات الأخيرة اتخذت منحى أكثر اعتدالاً وأصبحت تقيم أنشطة وبرامج لا تستطيع أن تقيمها وزارات ومؤسسات حكومية أخرى، كما أنها أصبحت تستوعب فئات أكثر من أبناء المجتمع بالإضافة إلى الدورات التأهيلية والأنشطة النسائية، وأضاف القاسمي أن إدراج تلك المخيمات تحت أنشطة المؤسسة الدينية الرسمية ومراقبتها لها سيعطي ضمانة وطمأنينة أكبر لأفراد المجتمع.

استطلاع للشباب
وفي ذات السياق قال مسؤول البرامج في ملتقى المدينة الشبابية وإمام وخطيب جامع الفرقان الشيخ خالد باوزير إن للملتقيات الشبابية الصيفية آثاراً كبيرة على الشباب وهذا ليس نحن ما نقوله إنما هي شهادات الشباب أنفسهم، وأضاف باوزير أن البرامج الرياضية أو التوعوية أو الدورات التأهيلية لاقت قبولاً وإقبالاً كبيراً من قبل الشباب. وأوضح باوزير أن الإقبال على هذه الملتقيات في ازدياد خاصة في السنوات الأخيرة. وأكد باوزير حاجة المجتمع إلى المزيد من مثل هذه الملتقيات خاصة وأن أعداد الشباب كبيرة والأوقات الفارغة طويلة، فإذا لم تقم الأندية ومثل هذه الملتقيات فأين يذهب الشباب؟ وأكد باوزير ومن خلال خبرته واحتكاكه بالشباب أنهم في حاجة إلى التدريب والتأهيل، وهذا المجال يلقى مزيداً من الإقبال والحماس. وأوضح باوزير أننا بحاجة إلى استطلاعات رأي واسعة تقوم بها جهات معتمدة أو رسمية توضح احتياجات الشباب وتستطلع آراءهم فيما يرغبون وما يحتاجون، وأشار باوزير إلى أن جهة مثل الغرفة التجارية تستطيع أن تقوم بذلك كونها ترعى كثيراً من برامج خدمة المجتمع وتصرف عليها مبالغ كبيرة، موضحاً أن مثل هذه الاستطلاعات نستطيع أن نقوم بها من خلال المدارس ومؤسسات التعليم. وأكد باوزير أن هناك مجلساً في الأمارات للتنسيق بين الجهات المختلفة ورسم السياسات والخطط وبالتالي تنفيذ كل جهة لمسؤولياتها.

دعم القطاع الخاص
من جهته قال المشرف على كرسي الأمير سلطان لأبحاث الشباب وقضايا الحسبة الدكتور نوح الشهري إن الحكم على البرامج المقدمة للشباب بحاجة إلى تصور واضح ودقيق عن البرامج والمراكز الشبابية المقدمة من مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية. لكن الشهري أشار إلى أن الملاحظ على البرامج الشبابية بالعموم أنها تحتاج إلى شيء من التجديد والخروج عن التقليدية، كما أكد على ضرورة إشراك الشباب في صناعة هذه البرامج حتى تكون وفق رغباتهم وتوجهاتهم الشخصية. وبين الشهري أن مراكز أو أندية الأحياء بحاجة إلى مزيد من التفعيل وإشراك الشباب في قيادتها وإدارتها، كما أشار الشهري إلى الأندية الصيفية التي ترعاها إدارة التعليم وأهمية تجديد برامجها. وأضاف الشهري أننا بحاجة إلى أندية متخصصة للشباب تتضمن مرافق وخدمات نوعية حتى يخرج الشاب عن إطار التقليدية الذي تعوده في المدارس، كما أنهم بحاجة إلى مزيد من البرامج التأهيلية والثقافية والاجتماعية التي تلبي احتياجات الشباب المختلفة. وأبان الشهري عن الاستراتيجية العامة للشباب والتي نوقشت في مجلس الشورى موضحاً أنه إذا ما فعلت هذه الاستراتيجية فإنه يمكن على ضوئها التنسيق بين كافة الجهات المعنية بأنشطة الشباب، مؤكداً على وجود الإمكانيات المادية والبشرية التي تفتقر فقط إلى التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية. كما أكد الشهري على حاجة مراكز وأندية الأحياء إلى الدعم المادي ودوره في تدعيمها، مشيراً إلى دور القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية.
السيف: في بريطانيا هناك “4000” مركز حي يعمل بها “200” ألف برواتب معتمدة
قال عميد كلية التربية في جامعة أم القرى سابقاً الدكتور صالح السيف إنه ومن خلال تجارب عديدة في أنشطة الشباب نلاحظ أن أعداد الشباب أصبحت مهولة في كل مدينة وفي كل قرية، والمتوفر من أنشطة ووسائل لإشغال الشباب واستثمار أوقاتهم متواضع جداً قياساً باحتياجاتهم، وأضاف السيف إن هناك استراتيجية وطنية للشباب من إعداد وزارة التخطيط وشاركت فيها عدة جهات منها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التعليم وغيرهما، نوقشت قبل عام تقريباً في مجلس الشورى، وكنا نؤمل أن يكون هذا العام انطلاقة لتنفيذ تلك الخطة. وكشف السيف أن من أبرز ملامح تلك الاستراتيجية تفعيل الوسائل المساعدة على شغل أوقات فراغ الشباب عن طريق التأهيل والتدريب وغيرها، وأشار السيف إلى أن مدارس التربية والتعليم كانت تلعب في السابق دوراً مهماً من خلال أنشطتها المختلفة لاحتواء الشباب وإبرازهم في العديد من المناشط. وأضاف السيف أن مراكز الأحياء المعمول بها في بعض المناطق من أهم أهدافها تأمين برامج رياضية وثقافية لكافة فئات المجتمع ومن ضمنها الشباب لكن العائق الذي يقف أمامها هو الدعم المالي، مشيراً إلى أن ما يدفع لهذه المراكز لا يفي بالغرض. وقال السيف إن في بريطانيا مثلاً هناك (4000) مركز حي يعمل بها (200) ألف شخص برواتب معتمدة رسمياً، وأشار السيف إلى أنه من المفترض أن تتضمن الخطة الخاصة بالشباب تمويل مراكز الأحياء ودعمها، وأن ينفذ ما خطط له خاصة ما خططت الهيئة العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة حيث لديها تصاميم مميزة لبناء مراكز الأحياء تتضمن ملاعب ومسابح ومرافق أخرى. وكشف السيف أن هناك أنشطة متعددة في بعض مراكز الأحياء لكنها اجتهادية وليست مضمونة الدوام، وضمان الدوام في هذه البرامج هو تفريغ أناس يعملون بشكل دائم وبمرتبات مجزية لهم، إضافة إلى اعتماد البرامج بشكل سنوي من جهات مرجعية. وأكد السيف على أهمية تفعيل الحدائق العامة في الأحياء وتسجيلها وقف للمواطنين حتى لا يتعدى عليها أحد بمنح أو غيرها. وعن الاستفادة من مرافق التعليم في الأنشطة الصيفية قال السيف إن مساحات المدارس العامة ليست كافية وليست ضمن المعايير المتعارف عليها، حيث ضيق المساحة وضعف الإمكانيات المادية والمرافق وغيرها. وبين السيف أن البرامج الصيفية التي تقدمها وزارة التربية والتعليم أو الجامعات لا تلبي كل احتياجات الشباب، مضيفاً أنه حتى الأندية الرياضية عليها توسيع مشاركة الشباب. وكشف السيف مفاجأة مفادها أن الجهة الرسمية التي من المفترض أنها تعنى بالشباب هي البلديات وليست الرئاسة العامة لرعاية الشباب والتي هي مختصة بالإشراف على الأندية الرياضية والمنافسات الدولية الرياضية. وطالب السيف بحملة إعلامية للفت أنظار الرأي العام والرسمي حول (شبابنا أين يذهبون) تستهدف لفت الأنظار إلى أهمية الرعاية بالأنشطة الشبابية خاصة في فترات الصيف. كما لفت السيف إلى غلاء الأسعار في فترة الصيف خاصة لمن يريد استئجار قاعات أو استراحات لإقامة بعض الأنشطة الصيفية أو الرحلات الشبابية، الأمر الذي يتسبب في هروب العديد من الشباب خارج البلد خاصة إذا ما أدرك أن بعض الدول المجاورة بها أسعار أرخص مما هو في الداخل. وأشار السيف إلى ضرورة التسهيلات المقدمة للبرامج الشبابية خاصة إذا علمنا أن هناك من يستقطب الشباب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store