Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ماذا أقول للدبلوماسي الناشئ؟

سألني أحد الزملاء عن نصيحتي للدبلوماسي الناشئ، فأجبته إن أول نصيحة أوجهها لنفسي، ولغيري هي تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، ذلك أن "مَن يتقِّ اللهَ يجعل له مخرجًا" ولعلّي لا أجد أحدًا أحوج من

A A
سألني أحد الزملاء عن نصيحتي للدبلوماسي الناشئ، فأجبته إن أول نصيحة أوجهها لنفسي، ولغيري هي تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، ذلك أن "مَن يتقِّ اللهَ يجعل له مخرجًا" ولعلّي لا أجد أحدًا أحوج من الدبلوماسي لإيجاد المخارج لنفسه في الحوارات والمفاوضات واللقاءات الثنائية والجماعية، أمّا النصيحة الثانية فهي ضرورة الاستزادة من العلم والمعرفة والثقافة العامة فالعمل الدبلوماسي فرصة ثمينة للاطّلاع والمشاركة في الندوات والمحاضرات العامة، والحصيلة الفكرية التي يعنيها الدبلوماسي لنفسه هي سلاحه الذي يبني به حجته، وينقل بها فكره ومنطقه، والنصيحة الثالثة هي الانفتاح على الرأى الآخر، وتقبل الأفكار المتباينة وتفهم أسبابها ودوافعها، فبدون ذلك لا يمكن إدراك الطريقة التي يفكر بها الطرف المقابل، ولا يعني ذلك ضرورة الاقتناع بهذه الأفكار أو تبنيها، ولكن فهمها وإدراك منابعها ومنطلقاتها ضروري ليتمكّن الدبلوماسي من معرفة كيفية التصدّي لها ومواجهتها، والنصيحة الرابعة هي ضرورة الالتزام بقوله تعالى: "وجادلْهم بالتِي هِي أحسن" وقوله سبحانه: "ولا يجرمنَّكم شنآن قومٍ ألاَّ تعدلِوا اعدلُوا هو أقربُ للتقوى"، وفي هذه الآيات الكريمات دعوة إلى العدل والتقوى والحسنى، وليدرك الدبلوماسي أن الهدف من الحوار مع الآخر ليس تحقيق "الانتصار" عليه، وإنّما التوصل معه إلى نتيجة لتجنب الصِدام وتحقيق الوفاق.
وإذا كان الدبلوماسي مكلَّفًا بالعمل في دولة أخرى على الصعيد الثنائي، فإن عليه أن يسعى إلى التعرّف على خصائص تلك الدولة وثقافتها وعاداتها وتقاليدها وهياكلها السياسية والتيارات الاجتماعية المؤثرة فيها، وقد يستوجب ذلك أن يتعلم لغتها، وأن يخالط مواطنيها وألاّ يكتفي بالتواصل مع زملائه من أفراد السلك الدبلوماسي، فبعض هؤلاء يعيشون في قوقعة مغلقة لا يخرجون منها، وقد يعيش أحدهم في بلد ما لسنوات دون أن يعرف عنه شيئًا أو يتعرّف على أحد من أبنائه.
العمل الدبلوماسي هو الوسيلة الحديثة لتطبيق قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، وهو شرف وعلم وحكمة يؤتيها الله من يشاء.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store