Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مثقفون يختلفون على جوائز «التميّز».. ما بين توحيدها.. ورفض تعدّدها

مثقفون يختلفون على جوائز «التميّز».. ما بين توحيدها.. ورفض تعدّدها

تباينت آراء عدد من المثقفين والأكاديميين حول توحيد جوائز التميّز على مستوى المملكة، وجعلها في جائزة كبيرة واحدة، غير أنهم أجمعوا على أهمية وضع ضوابط وأسس للترشح لكل جائزة وضمان عدم تكرار فروع نفس ا

A A

تباينت آراء عدد من المثقفين والأكاديميين حول توحيد جوائز التميّز على مستوى المملكة، وجعلها في جائزة كبيرة واحدة، غير أنهم أجمعوا على أهمية وضع ضوابط وأسس للترشح لكل جائزة وضمان عدم تكرار فروع نفس الجوائز، مشيدين بالدور الذي تلعبه هذه الجوائز في تحفيز التنافس بين الجهات الحكومية والخاصة لتطوير أدائها وتقديم أفكار مبدعة ومبتكرة تخدم التنمية المستدامة التي يشهدها كافة ربوع الوطن.
جائزة سنوية
يقول أمين جائزة جازان للتفوّق والإبداع الدكتور حسن بن حجاب الحازمي: كلمّا زادت المساحة الداعمة للتميّز كلما زاد حجم المنتج الإبداعي، وهكذا تنهض المجتمعات الداعمة لعطاء وفعل وجهود أبنائها، عبر مسيرة طويلة، ولذلك فإن هذه الجائزة تعد واحدة من الجوائز العديدة المنتشرة على مستوى مناطق المملكة، وتحظى بعناية كبيرة من قبل أمراء هذه المناطق، فهم يدعمونها معنويًّا قبل أن يكون الدعم ماديًّا، ولهذا تعد بعض هذه الجوائز اليوم بمؤسساتها ومسمياتها المختلفة صورة موازية للفعل الثقافي الحكومي في كثير من دولنا العربية اليوم، وربما قد تتفوّق بعض هذه الجوائز على كثير من الجوائز المؤسّساتية الحكومية بما تقدمه من دعم مالي مجز في كثير من الأحيان لمن يفوز بها أو يتحصل إبداعه عليها، وعند ذلك تنقلب الصورة، ويتحوّل المتن إلى هامش، والعكس كذلك.
ويضيف الحازمي: إننا نطمح إضافة إلى هذه الجوائز أن تكون هناك جائزة سنوية على مستوى المملكة تتبناها هيئة مستقلة ترتبط مباشرة بالديوان الملكي، ويطلق عليها اسم جائزة خادم الحرمين الشريفين للإبداع والتميّز، وتكون هذه الجائزة شاملة لجميع المجالات الفاعلة في المجتمع السعودي ويكون التنافس عليها بشكل سنوي، وذلك في سبيل دعم المبدعين والمتميّزين في مختلف المجالات، ونذكر جميعًا جائزة الدولة في الأدب التي نأمل أن تعود مجددًا إلى مشهدنا الثقافي، فمثل هذه الجائزة كانت داعمة للأدب والأدباء على مستوى الوطن، واليوم وقد تعدّدت مجالات الإبداع والمبدعين في وطننا الغالي فإن التقدير والعطاء والمكافأة لابد أن يتوسع ليشمل الجميع وليكون التنافس محمودًا من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.
الآلية المناسبة
الدكتورة هيفاء رشيد الجهني (أستاذة النقد) ترى أن ‏إيجاد جوائز التميّز خطوة إيجابية نحو التطوير إذا ما ُوضعت لها الآلية المناسبة وُوظفت توظيفًا ‏جيدًا بما يحقق التطوير والتجويد في العمل الوظيفي والدراسي والإبداعي، وكانت على قدر طموحات المتميّزين، ‏وقادرة على تحقيق الرضا والتقدير لصاحب الإنجاز. وتضيف الجهني: وعليه فإن الجائزة إذا بدأت بالمنطقة كان ذلك دافعًا؛ لأن يشارك ‏المتميّز على مستوى المملكة، فإذا ما حاز عليها على مستوى إدارته فلا بد من الانتقال إلى التنافس على مستوى ‏المملكة، لذلك لابد أن تكون شروط الجائزة ومحاورها ومعاييرها متوافقة مع السياسة العامة للوطن، فعندما تتوّحد الجهود يكون تجويد المنتج والمخرج على أعلى مستوى، ‏وقد حرصت وزارة التعليم على تخصيص جائزة للتميّز في التعليم لفئات متعدّدة في المؤسسة التعليمية، فهناك ‏جوائز لفئة الطالب المتميّز، وفئة المرشد الطلابي، وفئة الإدارة والمدرسة، وفئة المشرف التربوي، ‏وأخيرًا فئة الإدارة التعليمية، وفي هذا تحفيز لهم على تجويد العمل وبالتالي جودة المخرج مما يساعد على تطوير ‏التعليم في بلادنا، وعلى أن تحرص على المحتوى والمضمون وأثره على الميدان بالدرجة الأولى.
معايير دقيقة
وتشير فاتن محمد حسين (عضوة نادي مكة الأدبي) إلى أن جوائز التميّز تشكّل مصدرًا من مصادر تعزيز التنمية والتطوير في المجتمع من خلال تشجيع الجودة والإتقان في العمل، وقالت: مما لاشك فيه أن وجود خبراء في تقويم الأعمال حسب المجالات هو أمر مهم جدًا حتى يكون التقويم بناء على معايير دقيقة ومفاضلة دقيقة وحيادية تامة بما تستحقه الإنجازات من اهتمام، ويمكن الاستعانة بآراء المختصين في توحيد الجهود والرؤى لجوائز التميز في المملكة من خلال وضع معايير دقيقة للجوائز لكافة المجالات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والإنشائية لنشر مفاهيم المنافسة والتحفيز ولتحقيق أعلى درجات الجودة والإتقان، فالهدف الأسمى هو تشجيع الأعمال التي تجاوزت سقف التميّز والإنجاز؛ للارتقاء بمستوى الأداء والجودة في ظل التطوّر الحضاري والتنمية المستدامة التي تشهدها بلادنا الحبيبة.
وتضيف حسين: والأفضل من وجهة نظري أن تكون هناك جائزة على مستوى المناطق، فكل منطقة ولها جائزة مستقلة لإعطاء الفرصة لأكبر عدد من المؤسسات والأفراد والمنشآت في الدخول للمنافسة وتحقيق الجودة للوصول إلى التميّز الذي يزيد من كفاءة العمل، مشدّدة على أهمية إيجاد هيئة مستقلة لهذه الجائزة تطرح المعايير في وسائل الإعلام ثم تجمع الأعمال وتقوم بدراساتها دراسة دقيقة لمطابقة الأعمال بالمعايير ومدى توفرها في المنجز الحضاري واختيار الأفضل بناء على المفاضلة الدقيقة، وأما المجالات التي تهتم بها فهي في الجوانب التي تقدم حلولاً ناجعة لمشكلات اجتماعية وتعليمية وتربوية وبيئة وصحية واقتصادية بالإضافة إلى خدمات الحج والعمرة في مكة المكرمة لصلتهما الوثيقة بضيوف الرحمن والذين يشكلون رافدًا حضاريًّا للتواصل الثقافي والديني مع كافة بلدان العالم الإسلامي.
ويوضح الدكتور علي بن محمد الزهراني (مستشار النقل) أن هناك العديد من جوائز التميّز في معظم الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية والقطاع الخاص، ومن هذا المنطلق من الصعب أن تكون جائزه واحدة، بل من الممكن أن تتعدّد الجوائز لكافة الجهات ذات الاهتمام بهذه الجائزه ويتوحد موقع الإعلان والتكريم سواء على مستوى المملكة في حال تميّز الجهد أو على مستوى المناطق، ومن هنا لابد من وجود هيئه تقوم بتنظيم الآليه لعدم الإزدواجيه في المواعيد وللتسويق لهذه الجائزة إعلاميًّا، حيث أن الهدف من هذه الجوائز هي زرع روح التحدّي والتنافس في جميع أفراد المجتمع وكذلك إبراز الجهود الجبارة التي قام بها المتميّز في المجال الذي يعمل به والتركيز علي المجالات التعليميه العلميه وبث روح التنافس والتشجيع لإبراز الدور الفعال الذي يستطيع من خلاله أبناءنا الطلاب عرض ما لديهم من أفكار واختراعات من شأنها أن تخدم وطننا الغالي.
بدون مجاملات
ويرى الدكتور سعود الصاعدي (أستاذ النقد بجامعة أم القرى) أن تعدّد الجوائز وتعدّد جهاتها أفضل بكثير من توحيدها؛ لأن ذلك يتيح التنوّع والمشاركات، أما توحيدها فيجعلها تحت سلطة مؤسسة واحدة وقد ينتج عن ذلك حصرها على فئة دون فئة لأن الجوائز لدينا لاتخلو من مجاملات شئنا أم أبينا.
قيمة العطاء
وأبان الباحث التاريخي سمير برقة أن الوطن برجاله ونسائه وشبابه يحتاج لفتة تكريم وتشجيع للمبدعين والمميّزين في مناطقه ومدنه وقراه ولابد وأن تكون في كل منطقة ومحافظة ومدينة وقرية جائزة وشهادة وتكريم وتشجيع، وبذلك يشعر الجميع بأهميته وقيمة عطائه، ولابد أن تتوسّع جوائز الأنشطة لتشمل كل العلوم والفنون وكذلك تكون لجميع فئات المجتمع، ويمكن لكل أجهزة الدولة أن تشارك في التكريم والتشجيع والاهتمام، وأنا أميل لأن تكون لكل منطقة ومحافظة هيئة مستقلة بها فهي أجدر أن تختار من منطقتها من هو أجدر بالتميّز، فالمبادرون والمبدعون والمميّزون كثر في مناطقنا وكلهم جديرون بالتكريم.
الجوائز ضرورة
ويرى الشاعر محمد ضيف الله الياسي أن جوائز التميّز ضرورة ملحة وقد استطاعات إمارة منطقة مكة وضع جوائز امتد أثرها وحققت نتائج إيجابية، لذلك يجب تعميم هذه التجربة ووضع قواعد تكفل الاستمرار والتطوير لهذه الجوائز وجعل هذه المناطق تتنافس في المجالات العلمية التى تحتاجها المملكة، وتنبع أهمية وضع أمانة عامة لجوائز التميّز وضخ الجوائز المجزية وفتح فروع عدة لتشمل جميع شرائح المجتمع مع ضوابط عامة وإدارة ناجحة.
عدم التكرار
ويؤكد الدكتور إحسان المعتاز (أستاذ الدراسات المحاسبية بجامعة أم القرى) أن توحيد الجهود والرؤى لجوائز التميز في المملكة أمر في غاية الأهمية لضمان تنوّع هذه الجوائز واستفادة أكبر شريحة من هذه الجوائز لمنع تكرار تشابه الجوائز، حيث يلاحظ تشابه في الجوائز في مناطق متقاربة من المملكة، ولابد من إيجاد جهة مستقلة في المملكة تعنى بجوائز التميّز تقوم بوضع معايير محددة للجوائز لكافة الفروع بكل شفافية ووضوح لكي يعرف كل مواطن الطريقة التي توصله إلى التميّز وتمكّنه من الحصول على الجائزة، مع أهمية التنسيق بين الجوائز وعدم تكرار نفس الفروع حتى لا تفقد هذه الجوائز قيمتها ويصعب بعد ذلك تحديد الجائزة.
جائزة وطنية
وبيّن الناقد والكاتب علي زعلة بأننا إلى فترة قريبة لم نكن نعنى بالجوائز كثيرًا وربما كانت هناك جوائز قليلة تعيش في الظل باستثناء البعض منها كجائزة الملك فيصل العالمية التي تجاوزت الحدود وتخطت الآفاق، فغابت مثلًا جائزة المؤلف السعودي إلى ما قبل عامين أو ثلاثة أعوام، وغابت جائزة الدولة التقديرية إلى الأبد، وغابت جوائز أخرى هنا وهناك كان ينبغي أن تضطلع بها المؤسسات الرسمية، وحلت مكانها جوائز أخرى على المناطق أو جوائز تبنتها بعض المؤسسات هنا وهناك، ومن هذا المنطلق فإننا أمام شتات كبير لكثير من الجوائز التي قد تواجهها صعوبات في أحيان عديدة لعل من أهم هذه الصعوبات الجانب المادي الذي تتوقف بسببه كثير منها، ولذلك نحن بحاجة إلى جائزة وطنية تلملم كثيرًا من الجهود وتوحد المسار وتدعم المبدعين في كافة المجالات وتقام بشكل سنوي ُيكرّم فيه المبدعين وتدعم فيه الجهود والمبادرات والكوادر الوطنية التي تخدم هذا الوطن في كل الاتجاهات، والتاريخ يدلنا على أن هذه الجوائز هي التي تدفع بالحركة الإبداعية والمتميزة إلى الأمام.
فكرة رائدة
ويقول الدكتور عبدالله السلمي (رئيس النادي الأدبي بجدة): فيما يتعلق بجائزة التميّز فأنا أتصوّر أولًا أن مشروع الجائزة بحد ذاته كفكرة رائدة انطلقت وانبثقت من منطقة مكة المكرمة أتصوّر أنها تشكل أرضية إيجابية يمكن من خلالها أن نطوّر من مفهوم هذه الجائزة لتكون فعلًا على مستوى الوطن يستحضرها الجميع ويتفاعل معها الجميع وُيكرّم فيها كل بارز في كافة أرجاء الوطن، وأتصوّر أن هذا الكم من الخبرة الذي تشكل في جائزة مكة للتميّز بأنه ممكن نقله إلى آفاق أوسع وإلى آفاق أرحب، أما فيما يتعلق بمحاور هذه الجائزة ومجالاتها فأتمنى أن تكون المجالات متحركة وليست ثابتة؛ لأن ثبوت المجالات قد يحرم منجزات جديدة وقد يحرم جهات أخرى وشخصيات تبرز في مجال معين يتسم بالندرة والتفوّق في آن واحد، فتعدّد مجالات الجائزة أو بقاء بعض مجالاتها على الأقل في حالة انفتاح دون إغلاقها على تخصّص جيد أو تخصص واحد أتصور أنه جانب إيجابي. وفيما يتعلق بالتسمية ليست إشكالية التسمية إنما الفكرة في حد ذاتها إذا تم الاتفاق عليها وتم الاتكاء على هذا على هذا الرصيد الكبير من التجربة والخبرة التي بناها مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة عبر هذه الجائزة جائزة مكة وأتصوّر لو اتكأنا على هذه وشكلنا لجانًا ودراسات لعمل أو صياغة هذه الجائزة ستكون جائزة ذات حضور أكثر من واقعها الحالي أفضل وأقدر وأقوى، وأقترح من حيث تسمية الجائزة مثلًا جائزة الوطن أو جائزة الوطن للتميّز أو جائزة التميّز الوطني أو جائزة الدولة للتميّز أو جائزة الملك سلمان للتميّز.
مساهمة مثرية
ويقول الدكتور أحمد قران الزهراني: الجوائز بكل مستوياتها وتخصّصاتها هي محفز كبير للتميز والعطاء وبالتالي فإن أي جائزة هي مساهمة مثرية في بناء الوطن، وعطفًا على هذا فإن جائزة التميّز التي تقدمها بعض إمارات المناطق تجد أصداء كبيرة ومشاركة فاعلة؛ لأنها تكرّم المتميّزين في كل المجالات، ولعلنا نسترجع جائزة أبها التي بدأها الأمير خالد الفيصل وكيف كانت ثرية في كل المجالات وعلى مستوى الوطن، ولا أميل إلى توحيد جوائز التميّز في المناطق لأن كل منطقة لها رؤيتها وفضاءاتها، وإنما أميل إلى الاهتمام بجوائز التميّز لكل منطقة كما هي عليه الآن وزيادة دعمها معنويًّا وإعلاميًّا وماليًّا حتى تكون محفزة للجميع للسعي للحصول عليها. وربما الأفضل استحداث جائزة وطنية للتميّز تكون منبثقة من جوائز التميّز في المناطق ويتم تحديد آلياتها من خلال لجان المناطق وتكون كل سنة تحت مسؤولية منطقة معينة وتمنح للمتميزين على مستوى الوطن مع الإبقاء على جوائز التميّز في المناطق الإدارية التي تقدم هذه الجوائز.
الجائزة الكبرى
ويقول الدكتور جمعان الغامدي (عميد ملتقى الحوار): بالإمكان تبني جوائز تميّز مماثلة تكون على مستوى المناطق، وعلى غرار هذه الجائزة، ثم يتم ترشح المنطقة الأكثر تميّزاً وفق ضوابط وأليات مقنّنة لنيل الجائزة الكبرى عَلى مستوى المملكة، وفي ضوء هذا ُتشكل هيئة مستقلة تضطلع بمهمة تحديد فروع الجائزة وضوابطها وألياتها لتصب مخرجاتها في كل ما من شأنه مصلحة الوطن والمواطن ومسايرة التقدم الحضاري والتكنولوجي.
مجلس أمناء
ويضيف الروائي محمد علي قدس: من واقع خبرتي وتجربتي كأمين عام لجائزة الأستاذ العواد للإبداع، فمن المفترض أن تشكل لها هيئة وفق ما هو معمول به في نظام الجوائز العلمية والأدبية، هذه الهيئة بمثابة مجلس أمناء يهتم بالأمور المتعلقة بتنظيم الجائزة والإشراف على لجانها المختلفة، ومنها لجنة التحكيم أو التقويم إضافة للجان تنظيمية أخرى تتولى فرز الترشيحات ودراسة الإقتراحات ويفضل أن تضم اللجان عددا من الأعضاء الذين يتم اختيارهم بشكل جيد من المفكرين والمثقفين والإعلاميين والاقتصاديين.
تعدّدها لا توحيدها
ويقول رئيس الجمعية العربية للثقافة والفنون الأديب سلطان البازعي:
أظن أن التميّز قيمة عليا في جميع المجالات، وأظن أنه من المناسب تعدّدها في كل الإدارات الحكومية لتشجيع التنافس ولا أرى توحيدها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store