Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل تحف الملائكة طلاب اللغة الإنجليزية؟!

هي فكرةٌ أتت على الهامش في قاعة الدرس، حين حاول أستاذنا جاهدًا إقناع الطلاب أنَّهم في قاعة درسٍ محترمة، وأنَّ على مَن تأخَّر ألاَّ يقطع الشرح، وتسلسل الأفكار بالسلام والاستئذان..

A A
هي فكرةٌ أتت على الهامش في قاعة الدرس، حين حاول أستاذنا جاهدًا إقناع الطلاب أنَّهم في قاعة درسٍ محترمة، وأنَّ على مَن تأخَّر ألاَّ يقطع الشرح، وتسلسل الأفكار بالسلام والاستئذان.. بل يكتفي فقط بالانسحاب والتسلُّل للوراء في آخر الفصل الدراسي، «فعسى أن نكون هنا» في حصة الإنجليزي «من (طلبة) العلم، وأن تحفّنا الملائكة..»!!
قالها الأستاذ متردِّدًا.. لاحظتُ ذلك من نبرة صوته.. والأغلب أنَّ الطلبة أنفسهم -في غالب الأمر- ربما استغربوا أن تحفَّهم الملائكة وهم يتدارسون لغة الغرب الكافر الفاجر.. لا حديث مالك، وأحمد!! وفي هذا فهمٌ سقيمٌ لوظيفة الدِّين، وروحه، ورسالتها، وانعكاسها على البشريَّة، وقوام الحياة.
وهذه الازدواجيَّة طبيعيَّة، وتأتي نتاجًا للرأي الأوحد، الذي غرس في الأذهان أن الخيرَ -كلَّ الخيرِ- محصورٌ في تدارس الحديث، والفقه، وعلوم القرآن، وفي الدرجة الثانية علوم الآلة (مع أنَّها الأساسُ المعينُ على فهم الحديث، والفقه، والتي لا يمكن فهم القرآن إلاَّ من خلالها).
لذا؛ يجبُ أنْ نعيدَ النظر مرارًا وتكرارًا في اتجاهاتنا، وميولنا في العمل والدراسة، وألاَّ يتعالى بسبب هذا الفهم -مثلاً- في حياتنا الاجتماعيَّة كُتَّاب العدل، أو المؤذِّنون على مُشرف الإنشاءات مثلاً في مشروع مدني، أو خدمي، أو طبيب، أو مسعف، أو حتَّى على حدادٍ وعطارٍ.. فالكلُّ في الأجر، والمحاسبة سواء من الناحية الوظيفيَّة، ويُعاقَب إذا ما أخلَّ بعُرف الواجبات الحياتيَّة المترتبة عليه. وكلٌّ أيضًا منغمسٌ في خدمة أخيه المسلم، أو (الإنسان).. فما الدَّاعي لاجترار فضْليَّةٍ معيَّنةٍ في مجال العمل، والتنقيص، والحطِّ -بأسلوب غير مباشر- من المجالات، والعلوم الأخرى؟!!
نعم.. فضلُ (العالم) على العابد معروف.. والحديث فيه واسع، بيدَ أنَّ الجميعَ اليوم دارسٌ وعاملٌ.. و(خادمٌ)، فربما تختلفُ الموازين اليوم في الفضليَّة والأولويَّة لخدمة الدِّين، والإنسان!.
وهل وجب إعادة فهم وتحديد مصطلح (العالِم)، و(العابد) طبقًا للمسمَّيات الحديثة، والأنظمة، واللوائح في الخدمة، والحالة المدنيَّة والاجتماعيَّة؟. فمن نراه (عابدًا) فقط؛ لأنَّه غيرُ مختصٍّ بالعلمِ الشرعيِّ.. قد يكون (عالِمًا) في مجاله.. فهل يخرج من نص الحديث؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store