Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الوطنية في حملة إسقاط نظام الولاية !

في عالم اليوم المفتوح الفضاءات يكفي أن تعطس في مكان ما ، لتُسمع أصداء عطستك في الطرف الآخر من العالم ، ويكفي أن تثار قضية ما في طرف من الأرض ، لتسمع أصداءها ووجيبها يتردد في أنحاء العالم بأسره !

A A
في عالم اليوم المفتوح الفضاءات يكفي أن تعطس في مكان ما ، لتُسمع أصداء عطستك في الطرف الآخر من العالم ، ويكفي أن تثار قضية ما في طرف من الأرض ، لتسمع أصداءها ووجيبها يتردد في أنحاء العالم بأسره ! دون شك تتيح هذه الفضاءات المشرعة الأبواب للجماهير في العالم التفاعل مع قضايا تبعد عنهم جغرافياً عشرات الآلاف من الأميال ، فهل يعني هذا أن نبتلع قضايانا ونتجرع معاناتنا وماتسببه من مضار وآثار قريبة وبعيدة المدى ، ثم نُحكّم عليها أردية الصمت والتكتم ، حتى لا يستغلها من يتغيَّا الإساءة إلى بلادنا ، أو من يهدف لتشويه سمعتنا ؟! فيما تقول كل الشواهد أن تجاهل الإشكالات بمختلف أنواعها ، سيقود بالضرورة إلى المزيد من الاحتقان والتوتر ، الذي لابد أن يصل يوماً لمرحلة التفاقم، والخروج عن السيطرة مسبباً مزيداً من الأضرار على المجتمع والوطن ! وفيما تقول الأدلة الراجحة أن الاعتراف بوجود المشاكل، ثم محاولة احتوائها هي الوسيلة الأنجع لإلقام المتصيدين والمتسلقين على قضايانا حجراً، يقطع الطريق أمام محاولاتهم لاستغلال هذه القضايا للإساءة لسمعة بلادنا الحبيبة وديننا الحنيف .
ولعلّ من نافل القول أن الحديث عن مشاكل المرأة السعودية وقضاياها حديث شديد الجاذبية للإعلام الغربي ، فهل يفترض هنا أن تصمت النساء المتضررات من بعض الأوضاع الصعبة في محيطهن الاجتماعي، خشية من المغرضين والمتسلقين على قضاياهن ؟! وهل يفترض أن نحكم على حراك مدني قوي يسير بثبات ودأب وتراكم- كحملة إسقاط الولاية في الأنظمة الحكومية على المرأة الراشدة- بالإعدام والموت ؟!.. فقط لأن مغرضاً انضم لحملة إلكترونية مفتوحة الآفاق لايمكن السيطرة عليها، أو لأن منتفعة -ما -قررت الإساءة للحملة ، واستثمار معاناة الفتيات وتسليطهن الضوء على تفاصيل مكابدتهن بسبب هذا النظام ؟! وهل الصمت وابتلاع المعاناة سيساهم في فك الاحتقان وإنهاء الإشكالية ، أم أنه سيساهم في الوصول بالأحوال حتماً إلى الدخول في مرحلة التعقيد والتأزم ؟!
إن هذه الحملة المدنية الجادة التي قامت على أكتاف جهود مخلصات ومخلصين من أبناء الوطن على قدر كبير من الشجاعة ، جديرة بالدعم والتبني من المحبين لوطنهم ودينهم ، كون الولاية على النفس أولاً حقاً كفله الدين للمرأة الراشدة العاقلة . وثانياً لأنها تقشع عن حقوق المرأة في الإسلام ماران عليها من تشويه وإساءة ، ساهم نظام الولاية بشكله الحالي في تكريس صور نمطية عنها ، استغلها الإعلام الغربي متندراً تارة، ومبالغاً مضخماً تارة أخرى . والحل هنا ليس إغماض العين ودفن الرؤوس في الرمال ، بل الاعتراف والمواجهة وصولاً لاحتواء المشكلة وإيجاد الحلول .
إن الوطنية - والتي يبدو أن هناك ارتباكاً والتباساً حتى عند بعض المثقفين والحقوقيين في مفهومها- ، تقتضي بالضرورة النقد الشفاف الصريح للأوضاع المولدة للإشكاليات. والتي قد تسبب أزمات اجتماعية نلمح بوادرها وإرهاصاتها . وذلك حرصاً على الوطن وسلمه الاجتماعي، وثقة مواطنيه ومواطناته بتحقق العدالة والمساواة فيه ، في ظل متغيرات ثقافية واجتماعية شديدة القوة وجامحة السرعة ، نستطيع أن نرصد آثارها وعواصفها بوضوح، حتى على ما ظننا أنه من ثوابت خصوصيتنا ، وما تدثرنا به طويلاً خشية من الانفتاح على العالم الذي صار يزورنا في غرف معيشتنا وشاشات أجهزتنا.
الوطنية ليست المزايدة ، ولا التخوين والتشكيك وإلقاء التهم جزافاً على من يسلط الضوء على القضايا الإشكالية الهامة ، ولكنها الحرص على هذا الوطن الغالي ، بالحرص على الإنسان - امرأة ورجلاً - فيه ، ومحاولة إيجاد الحلول لمعاناته ومتاعبه .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store