Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هادم الإمبراطورية البيزنطية

من حق الإخوة الأتراك أن يعتزوا بأعظم شخصية تركية عرفها التاريخ ذلك الرجل الذي فرحت بوفاته الكنائس في أوروبا ودقت أجراسها لمدة ثلاثة أيام ابتهاجاً برحيله، إنه السلطان الملقب بمحمد الفاتح الذي فتح القسط

A A
من حق الإخوة الأتراك أن يعتزوا بأعظم شخصية تركية عرفها التاريخ ذلك الرجل الذي فرحت بوفاته الكنائس في أوروبا ودقت أجراسها لمدة ثلاثة أيام ابتهاجاً برحيله، إنه السلطان الملقب بمحمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية بعد هزيمة البيزنطيين بعد أن كان حلماً يراوده إلى أن تحقق في عام 1453م وفي ذلك تحقيق لنبوءة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. العديد من المؤرخين تحدثوا عن شخصية الفاتح وصفاته ومكانته ووصفه المؤرخ الإيطالي زورزو دولفين بأن السلطان قليل الضحك، ذكي يعمل بصورة مستمرة، كان كريماً ومعطاءً، عنيداً ،جسوراً وجريئاً في تصميمه، كلامه قطعي، لا يخشى أحداً، صبوراً وجلوداً فهو يتحمل البرد والحر، الجوع والعطش، بعيد عن اللهو والمجون يجيد ثلاث لغات غير التركية، يعكف على المطالعة كل يوم لمدة من الزمن. أما الشهادة التي أجمع عليها أعداؤه هي الرحمة والتسامح، وما يتردد بين الناس ولا ينسونه أبداً أنه حين دخل القسطنطينية يحف به جنوده ألتفت إليهم وقال: لقد أصبحتم فاتحي القسطنطينية الذين أخبر عنهم الرسول، وهنأهم بالنصر ونهاهم عن القتل، وأمرهم بالرفق بالناس والإحسان إليهم، ثم ترجل عن فرسه وسجد شكراً وحمداً وتواضعاً، ثم قام وتوجه للكنيسة آياصوفيا (هنا مربط الفرس) ،لما اقترب من أبوابها خاف النصارى داخلها وأصابهم الذعر، وقام أحد الرهبان بفتح الباب له، فطلب من الراهب تهدئة الناس وطمأنتهم والعودة إلى بيوتهم بأمان، فاطمأن الناس وخرج بعض الرهبان المختبئين في سراديب الكنيسة وعندما عرفوا تسامحه وعفوه خرجوا واعتنق بعضهم الإسلام، ومما عرف عنه بعد فتح إسطنبول ليهود المدينة ألا يتعرض لهم ولمعابدهم، كما اعترف بحقهم في حرياتهم وفي ممارستهم الشعائر والطقوس الدينية والحق والفضل ما شهدت به الأعداء. لقد أبدى محمد الفاتح اهتماماً بالغاً بالناحية الإدارية فبدأ في ترتيب الحكومة المركزية بنظام جديد وسن القوانين المنظمة للإدارة على هدي من الشريعة ووضع أولى مبادئ القانون المدني وقانون العقوبات فاستتب الأمن وشاع العدل في أرجاء وطنه، في الوقت الذي أعطى جل اهتمامه بالتعليم فأنشأ المدارس والمعاهد وجعل التعليم مجانياً فازدهر التعليم وبدأ عصر النهضة العلمية الحقيقي. قبل أن تدركه المنية أوصى ابنه بوصايا عديدة من بينها قائلاً (أعطاني الله هذه النعم الجليلة فالزم مسلكي واعمل على تعزيز هذا الدين وتوقير أهله ولا تصرف أموال الدولة في ترف أو لهو فإن ذلك من أعظم أسباب الهلاك) كلنا نعرف عن صلاح الدين الأيوبي ولم نعرف إلا القليل عن محمد الفاتح وأردت أن نستقي العبر وتلك الدروس العظيمة، ولمن يتسنى له زيارة إسطنبول عليه زيارة (بانوراما) التي تحكي مشهد الفتح الإسلامي الكبير للقسطنطينية الذي حوَّل مجرى التاريخ.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store