Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الدكتوراة لا تكفي للوظيفة

No Image

الكلمات فواصل

A A
من الحالات الإدارية التي ما تزال عالقة بالذاكرة في مجال التوظيف، إجراء مقابلتين شخصيتين لاثنين تقدّما مع كثيرين لوظيفة مهندس. كان الأول يحمل شهادة الدكتوراة في العلوم النووية (الذرّية)، وكان الآخر يحمل شهادة الدكتوراة في العلوم الشرعية، من جامعتين عريقتين. وكما يدرك القارئ الكريم، لم يُقبل أيٌّ منهما لتلك الوظيفة؛ لأن الأول مؤهل فوق ما هو مطلوب في المجال العلمي (لا الهندسي) لتلك الوظيفة البسيطة التي عادة ما يبتدئ منها مشواره الوظيفي خريج الهندسة الجديد. أما الآخر فلم يكن يمتلك المهارات الضرورية المطلوبة علمياً وهندسياً لتلك الوظيفة.

لذا.. عندما تقول شركة أو مؤسسة ما بأن خمسين في المئة، أو أي نسبة أعلى أو أدنى من ذلك، من موظفيها يحملون الدكتوراة؛ فلا يعني ذلك شيئاً في مقياس الكفاءة الإنتاجية. فكما هو معروف فإن عدداً كبيراً من الموظفين في شركات أو مؤسسات كبيرة تحملهم الهياكل الإدارية كرهاً أو حباً، ليس للحاجة الماسة إليهم، أو لتخصصاتهم النادرة، أو للكفاءة المهنية التي يتمتعون بها، أو من أجل الارتقاء بالإنتاجية، أو لتحقيق جودة نوعية أفضل؛ بل لأمور أخرى!

وهذه في البداية وفي النهاية مشكلة ثقافية في كثير من المجتمعات العربية، حيث إن معظم الناس في تلك المجتمعات تنبهر بالشهادات (الكبيرة) والمسميات الكبيرة، ما جعل، بل شجّع، كثيرين ليشتروا تلك الشهادات بالمال، ولا يكتسبوهها بالبحث والجهد والدراسة. فيصبح كلامه مصدّقاً من بعد حصوله على تلك الشهادة المشتراة، ويصبح اقتراحه باهراً، ويصبح بصيراً بالأمور التي يعرفها والتي لا يعرفها، ومستشرفاً للمستقبل في نظرهم، وهو في حقيقته لا يمتلك أدنى درجات الكفاءة.

عندما يُوكِلُ الإنسان مهندساً ميكانيكياً لإصلاح مشكلة تسرب في أنابيب المياه في منزله ولا يُحضر فنّياً (سبّاكاً) لإصلاحها؛ فسوف يتحمل تكاليف مالية عالية، وعدم جودة العمل، بل وإمكانية تخريب المرافق والمكان؛ لأن السباك في هذه الحال هو صاحب الكفاءة الإنتاجية والاختصاص، من واقع خبرته اليومية لتلك المشكلة ومثيلاتها؛ وليس بالمؤهلات العالية للآخر.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store