Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
البتول الهاشمية

مقالة.. بتوقيت حلب

صهيل

A A
«تك.. تك.. تك»

كلّ عشر دقائق يموت طفل في حلب

منذ أن أخبرتني منظمة اليونيسيف بذلك، وأنا أهرب من النظر في الساعة

لكن عبثًا.. عقرب الثواني يطاردني

الوقت يمرُّ بسرعة، اقتربت العشر دقائق الأولى من أن تنتهي..

وهذا يعني أنَّ طفلاً ينتظر دوره في قائمة المفقودين

وأمًّا تقترب من الثكل، وأبًا يدنو من الفقد..

رنين الهاتف قطع عليَّ انسياب الأفكار، إنَّها أمي. تنتظرني على الغداء بعد ساعتين..

ساعتان تعنيان أنَّ اثني عشر طفلاً سيموتون في حلب!

*****

خبر عاجل:

مجلس الأمن سيعقد جلسته في السابعة مساءً..

أي بعد سبع ساعات، إذًا هناك اثنان وأربعون قتيلاً قبل أن يُعبِّر بان كي مون عن قلقه..!

وقبل أن يُكذِّب المندوب الأمريكي بأنَّ أيَّام بشار الأسد باتت معدودة..

وقبل أن يثير قرفنا المندوب السوري، وهو ينكر المجازر في بلده..

وقبل أن تصل الوقاحة في المندوب الروسي ليُحمِّل الإسلام مسؤوليَّة مقتل سفيره..!

وقبل أن نشاهد مندوبًا ليبيًّا نائمًا.

*****

أخطُّ هذه الكلمات من بيروت، حيث يُقام حفلٌ ساهرٌ بالفندق الذي أقطن فيه..

لمطرب صاعد، بأغنية هابطة، وسط جمهور يتناول ما لذَّ وطاب.. على مقربة ليس ببعيدة من طوابير اللاجئين السوريين، الذين ينتظرون الموت مع قوافل الثلوج القادمة!

في دمشق المطاعم -أيضًا- تختنقُ بالزوَّار.. على مقربة من الغوطة المحاصرة..

حيث سيكون محظوظًا مَن يعثر على كلبٍ شاردٍ لتأكله

الكلابُ أيضًا جائعة، لكنَّها لا تأكل البشر.

في موصل العراق، ثمَّة نقص في الأدوية، وحليب الأطفال..

مع زيادة في عدد الذبائح، بمناسبة قدوم وفد الأمم المتحدة للاطِّلاع على حال المحاصرين..

هل مات الإحساس بداخلنا؟

هل نجونا من هذه الحرب بأجسامنا، ونسينا أن ننجو بإنسانيتنا؟!

إذًا كيف نُفسِّر كوننا نمارس كل هذه الحياة، وسط كل هذا الخراب؟!

*****

العالمُ أصبحَ قريةً صغيرةً، لكن بخصوصيَّة غريبة..!

يمكنك الآن أن تتابع مباشرة عجوزًا يحتضر من الجوع في دمشق، لكنْ ليس بوسعك أن تعطيه رغيفَ خبزٍ..!

بوسعك أن تشاهد غرقى اللاجئين السوريين في البحر؛ حتَّى وهم تحت الماء، لكن ليس بوسعك -أبدًا- أن تمدَّ يدكَ لتنقذَ أحدَهم..!

سهلٌ جدًّا أنْ ترصدَ الكاميرا طفلاً عاريًا، يرتجفُ بردًا، لكن مستحيل أنْ تعطيه معطفَكَ..!

لم نصبحْ قريةً صغيرةً، بل غابة كبيرة..!

سأتوقَّف الآنَ بلا خاتمة، بلا رأي شخصي، بلا أيّ شيء..

فقط لأعرف كم قتيلاً في حلب، استغرقته هذه المقالة؟

ليعود مؤشر عدد القتلى في الارتفاع، يُقابله خسائر فادحة في سهم الضمير العربي..

تك.. تك.. تك!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store