Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

صفعة من عمان للإرهاب وصانعيه

A A
زيارتي الأولى إلى سلطنة عمان كانت قبل حوالي سنتين وذلك للمشاركة في مؤتمر عمان للعلاقات العامة، والذي لم يكن بالنسبة لي مجرد مؤتمر علمي متخصص حيث أنه أتاح لي فرصة رؤية هذا البلد الخليجي الذي سمعت كثيراً عن جماله وطيبة أهله. وكما يقول المثل «ليس من سمع كمن رأى» فقد كان أول ما لفت نظري صبيحة اليوم الذي ألقيت فيه ورقتي العلمية هو امتلاء القاعة بكاملها بالحضور والذين كان منهم مسؤولون كبار من عدد من الوزارات العمانية، حرصوا على التواجد طوال المحاضرة والمحاضرات التي تلتها خلال اليوم، وهذا حقيقة أمر غير مألوف لما اعتدنا رؤيته في المناسبات المماثلة عربياً حيث يقوم المسؤول بالحضور لربع أو بحد أقصى نصف المحاضرة الأولى ثم الاختفاء بعدها حتى حفل الختام.

هذا الانضباط والالتزام وحب التعليم كان مصحوباً بحسن التنظيم وبشاشة الاستقبال والحرص على الاستفادة من المناسبة لتعريف الضيوف بالسلطنة ومعالمها وعاداتها وتقاليدها كبلد يعتز بعروبته وانتمائه الخليجي.

زيارتي هذه إلى سلطنة عمان كانت مهمة ومفيدة بالنسبة لي لأنها عرفتني عن قرب على بلد خليجي كان أول ما يخطر ببالي عند ذكر اسمه هو انعزاله ونأيه لعقود عن الدخول في أي صراعات أو محاور سياسية، وهي حيادية واختلاف ربما تكون مفيدة أحياناً وقد تضفي بعض جوانبها للعقد الخليجي رونقاً وجاذبية. اختلاف لا يعني بطبيعة الحال نأياً عن استشعار المخاطر والمؤامرات التي تحيط بالمنطقة من كل جانب، وهو أمر تم تأكيده بالخطوة الحكيمة التي اتخذتها عمان بانضمامها إلى التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب كخطوة جاءت لتعاود التأكيد على تلاحم الأشقاء الخليجيين وعلى وحدة مصيرهم وإدراكهم أن المرحلة الحالية التي تعيشها منطقتهم وشعوبهم هي الأخطر في تاريخها وأنه لا سبيل لمواجهتها إلا بتكاتفهم وتعاونهم.

إن ما يحدث اليوم حولنا من قتل وتدمير وتهجير لا يحدث مصادفة بل هو عمل منظم لتفتيت دول المنطقة وتقسيمها وإشغالها بالحروب الأهلية والفتن الطائفية، كما أن هذا الإرهاب -وهو أمر لا يمكن فصله عن كل تلك الأحداث- لا يستهدف بلداً بعينه بل أنه يعتبر كل من يخالف فكره المتطرف بأنه عدو يستحق القتل والسبي والحرق.

من هنا جاءت الحاجة إلى إنشاء تحالف دولي إسلامي للتصدي لهذا الخطر، تحالف قام بصناعته بحنكة وعناية الأمير محمد بن سلمان وازدانت حلقاته وازدادت قوة وصلابة بانضمام سلطنة عمان إليه موجهة بذلك رسالة قوية وحازمة تخترق مسامع الإرهابيين بأنه لا مكان للتطرف لدينا، وتخترق مسامع المتآمرين الساعين لنشر الفوضى الهدامة بأننا واعون لمخططاتهم، وتخترق مسامع الطائفيين الثوريين الحالمين بالتوسع والهيمنة والتفريق بين الأشقاء بأنه ليس لهم سوى الخيبة والهزيمة والفشل .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store