Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاطمة أحمد

المسافة القاصمة بين الصورة.. وقلب ذبل نبضه

A A
ذات لحظة فاصلة بين الصورة المعلقة على الحائط وبين العين

التي تعلقت بها، كان المجلس مليئًا بنسوة الحي وبناتهن، إلا أنها لم تكن معهم، كان الفضول يجتاحها.. مَن يكون صاحب هذه الصورة؟ وما الذي يربطه بساكني المنزل؟.

انتهت الزيارة وعادت مع والدتها إلى المنزل، إلا أن صورة الطيار الحربي الجالس أمام طائرته الحربية F15 لم تفارق عينيها.. ظنت أن ما يحدث معها كان مجرد انبهار بالزي الحربي والطائرة، لا يلبث أن يزول مع الوقت.. لكن كان هناك أمر جديد ومختلف هذه المرة.. ترى ما الذي فعلته تلك الصورة في ابنة الخمسة عشر ربيعًا؟.

مشاعر مختلطة من الفضول واللهفة لم تكن تدرك ما هي؟، هي ليست كمشاعرها نحو أمها أو صديقاتها أو أهلها، وكانت في كل مرة تأخذها صوب صاحب الصورة!! ما الذي تفعله وكيف تصل إليه؟.. كان تفكير ابنة الخمسة عشر ربيعًا منصبًّا حول التواصل معه.. إحساس جديد تشبثت به روحها ولا تريد أن تفقده.

لم تفكر بالاستعانة بأحد من الجيران حتى تحصل على رقم هاتفه.. التقطت دليل الهاتف وأخذت تبحث عن رقم منزلهم ووجدته وكأنها في تلك اللحظة عثرت على إكسير الحياة.. أخذت الهاتف إلى حجرتها واتصلت ثم أغلقته.. تخطى نبض قلبها معدله الطبيعي.

من أين جاءتها كل تلك الجرأة؟.. هذه المرة تمالكت نفسها واتصلت ورد بصوته المبحوح عليها، ونطقت باسمه لتتأكد أن من تهاتفه هو صاحب الصورة، وكان الجواب نعم أنا هو.. كان حياؤها يمنعها من ذكر اسمها، فاختارت اسم عبير ولا تعلم لِمَ اختارته، لم تعلم أن القدر كان يخبئ لها جرحًا سيمتد نزفه سبعة وثلاثين عامًا.

استمرت علاقتهما أربع سنوات، وكانت موازية لسني عمرها كله، وتمت خطبتها عليه لعام واحد رغمًا عن أهله الذين كانت تحكمهم التقاليد البالية، إذ أبوا إلا أن يختاروا له شريكة من نفس قبيلته، فكان الطلاق وبطاقة زفافه من أخرى الصدمة التي حوَّلتها في أول ليلة من ليالي امتحانها الجامعي إلى جسد بلا روح، وقلب ينهشه الحنين باقي عمرها.

مرصد..

من الواقع.. سبعة وثلاثون عامًا وتسعة أيام وست عشرة ساعة وتحديدًا في 20 ذوالحجة من العام 1399هـ الساعة الخامسة عصرًا من يوم السبت كانت المسافة القاصمة بين الصورة وقلب ذبل نبضه، ولم يعد فيه مكان لأحد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store