Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن فتيحي

شيء ما

شمس وظل

A A
منذ أن عملت منفردًا في محل صغير في سوق الحراج في جدة، والذي تحوَّل اسمه ليُسمَّى سوق الصاغة، هذا السوق لم يُسمَّ بالصاغة إلا في عام 1975م، أي أنه قضى ما قبل ذلك باسم سوق الحراج..

كنت أرقب هذا السوق العجيب وأنا في سن مبكرة جدًا مع والدي في المحل الذي لا يزال يحمل اسمي حتى الآن..

هذا الدكان من عام 1907م مساحته لا تتجاوز 11م، كنا نسبك فيه الفضة ثم الذهب، وبه الفيترين التي نبيع فيها ويطلق عليها الفانوس.. كما أن هناك بزبوز ماء (للوضوء) في هذه المساحة الصغيرة والمكوَّنة من سحارة الفحم التي نستخدمها في السبك، عشت حتى عام 1973م بعد أن قضيت 21 عامًا..

منذ أن بدأت فعلًا في العمل عام 1952م ولم أتجاوز العاشرة، كنت أرى الحماس في السوق وكيف يكتسبون أرزاقهم.. يتصالحون ويختلفون ونفوسهم ونواياهم لا ترى ضغينة أو حسد أو اعتداء على حقوق بعضهم..

عالم جميل من العمل المتواصل والحماس المنقطع النظير..

وعندهم أوقات الصلاة (مقدَّسة)، معظمهم يصلون في عكاش وبعض منهم في محله. وأمام المحلات يتم الوضوء في أباريق صغيرة..

ابتسامات ونكات وتوصيات ونصائح.. متحابين وكأني بهم إخوَة صادقي الأخُوّة، يحزنون عند الفراق، ويسعدون وقت اللقاء، ويفتقدون بعضهم، ويتزاورون وقت الرخاء والشدة، ويتشاركون الأفراح والأحزان في هذا المناخ الذي افتقدته..

هذه الأيام ليست هناك مكيفات وقبلها لم يكن هناك كهرباء، والماء يتدفق من البازان في المشوَرة القريبة، والسقا يحمل تنكات الماء ليوصلها للبيوت، حاملها 4 أدوار أو أقل، مكان الزير والشراب التي نشرب منها..

والمطر حين هطوله تستنفر سيدات البيوت لينصبوا الطناجر لاحتواء الماء الذي ينهمر من الأسقف الخشبية..

أشياء كثيرة لا أعرف لماذا كتبت عنها هذا اليوم، ولكني افتقدتها.. ربما نفسي لم تستطع أن تتحمل ما هي فيه، فأرادت أن تحلق.. ربما تجد السعادة التي تبحث عنها..

******

من أبناء الأثرياء

في أول يوم لدخوله المدرسة.. قابله المدير ومساعده وسألاه..

ماذا ترغب أن تكون؟

قال: أن أكون سعيدًا..

قال المساعد: ربما لم يفهم السؤال..

وقال المدير: ربما نحن لم نفهم الحياة..

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store