Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الطلب الهادف لإنقاذ المتاحف

الحبر الأصفر

A A
المَتَاحِفُ، هي مُستَودعُ تُرَاثِ الأُمَم، وحِكَايةُ تَاريخها، وقصَّةُ تَطوُّرِهَا، وبَيانُ مَعَالِم وتَفَاصيل مَسيرتهَا ونموِّهَا. ولَكنَّ المُلاحظ أَنَّ المَتَاحِفَ الخَاصَّةَ فِي السُّعوديَّةِ، يَطالُهَا جَانبُ التَّقصيرِ، وتَحتَاجُ إلَى الدَّعمِ والمُسَانَدَةِ، حَتَّى تَقفَ عَلى أَرجلِهَا..!

ولِكَي نَعرفَ شَيئًا مِن المُعَانَاةِ، سأَنشُرُ اليَومَ رِسَالَةً مِن الأُستَاذ «سالم عيد الجهني»، صَاحِبِ مَتحَفِ «رَضوَى» بـ»يَنبع»، حَيثُ يَقولُ فِيهَا:

الأَخ الصَّديق الدّكتور «أحمد العرفج»، السَّلَامُ عَليكُم ورَحمَةُ الله:

سَنوَات، ونَحنُ أَصحَاب المَتَاحِف الخَاصَّة؛ نَتطلَّع لخِدمةِ بِلَادنَا سِيَاحيًّا وحَضاريًّا، مِن خِلال مَتَاحِفنَا الخَاصَّة، المُرخَّصة مِن هَيئة السِّيَاحَة، ونَأمُل فِي تَحويلها إلَى مَزَارَاتٍ سِيَاحيَّة، تُنشِّط الوَاقِع السِّيَاحي، وتَدفع عَجلة التُّرَاث الوَطني، وتُوثِّق تَاريخنَا العَظيم، مُندَفعين برَغبَةٍ جَامِحَة، استَلْهِمْنَاهَا مِن قَادة بِلَادنَا، الحَريصين عَلَى الحِفَاظ عَلَى هَذه الكنُوز، وتَقديمهَا للأجيَال القَادِمَة، فِي ثَوبٍ وَطَنيٍّ مُعطَّرٍ، يَترُك أَثرًا فِي النّفوس..!

لَكن سُرعَان مَا تَتَلاشَى هَذه الأحلَام؛ أَمَام تَداعيَات الإجرَاءَات، فنَصطَدم بالمُعوِّقات المُصطنعَة مِن بَعض الأَمَانَات والبَلديَّات، والعَقليَّات غَير المُستوعبَة لدَورنَا الحَضَاريِّ، رَغم وجُود أَمرٍ صَريحٍ بتَذليل كُلِّ الصِّعَاب لَنَا، ومِن أَهم مَا نَتعرَّض لَه، عَدم تَمكيننَا مِن الحصُول عَلَى قِطَع أَرَاضٍ مُنَاسِبَة، تُقام عَليهَا مَتَاحفنَا الخَاصَّة فِي وَقتٍ سَريعٍ، يُواكِب حَجم الجهُود المَبذُولَة؛ مِن قِبَل أَمير السِّيَاحة «سلطان بن سلمان»، المُتطلِّع لنَهضَة بِلَادنا السِّيَاحيَّة، والدَّاعِم لَهَا. ومَتحَف رَضوَى الذي أَملكه مِثَالٌ لِذَلك، فرَغم أنَّه الوَحيدُ المُرخَّصُ فِي يَنبع، تَعذَّر عَليه الحصُول عَلى مَوقعٍ مُنَاسب، حَيثُ استُبعد مِن المَنطِقَة التَّاريخيَّة بقُدرة قَادِر، بَينمَا تَمَّ استِقْطَاب صَاحب مَحل (سكراب)، لَا يَملكُ تَصريحًا، بَعد أَنْ اشترَى تُراثيَّات مِن أَحد المُهتمِّين، ليَحلَّ مَحل المَتحَف، وقُدِّم المَالِك الجَديد لهَيئة السِّيَاحَة؛ عَلَى أَنَّه مُمثِّلٌ لتَاريخ المَنطِقَة، وتَمَّ تَوقيع عَقد شَرَاكة بَينَه وبَين السِّيَاحَة؛ بدَوَافِع لَا يَعلمهَا إلاَّ اللهُ، وفِي هَذا تَدليسٌ عَلى المَسؤولين..!

ومِن القَسوَة التي نُواجِههَا، أَنَّ مَتحَفَ «رضوى» حُرِم -كَذَلك- مِن الأَرضِ التي نَافسَ عَليهَا، والعَائِدَة لبَلديَّة يَنبع، والوَاقِعة بكُورنيشها، لأنَّ شَقيقَ صَاحب مَحل (السِّكرَاب) عضو فِي لَجنة المُنَافَسَة بالبَلديَّة، وكَأنَّ المَوضوعَ دُبِّر بلَيلٍ، والمُؤلم أَنَّ مُعَاملتي مُتوقِّفة فِي أَمَانةِ المَدينة المُنوَّرة، وتُعَاد كُلَّ مَرَّة لبَلدية يَنبع بحِججٍ غَريبَةٍ، مِنهَا عَلَى سَبيل المِثَال -لَا الحَصر- أَنَّ مَعالي الوَزير لَا يُوقِّع الخِطَابَات المَخرومَة، وهو أَمرٌ تَمَّ بمُوجبه تَغيير الخِطَاب فِي أَربعَة شهُور، ورَغم أنِّي أَكملتُ كُلَّ المُتطلّبَات النِّظَاميَّة مُنذُ سَنوَات، إلاَّ أنَّ الوَضعَ مُتوقِّفٌ، والمُعَامَلَة تَحت الدِّراسة، والضَّمَان البَنكي محَجوزٌ، والقصَّة لَها أَعوَام بَين مَكَاتب المُوظَّفين..!

مَا يُواسيني -حَقيقةً- هو رَدَّة فِعل الزوَّار للمَتحَف، وكِتَابَاتهم فِي سِجلِ الزِّيَارَات، ومُناشَدَاتهم دَعم المَتحَف، وكَذلك مَا سَمعته عَن تَعَاطُف مَعالي أَمين المَدينَة مَع وَضْع المَتحَف، وهو لَم يَره، وهَذا الأَمر إنْ صَحَّ، فهو تَوجُّهٌ نَبيلٌ، وبَادِرةُ خَيرٍ، أتمنَّى أَنْ أَرَى ثِمَارها، وأَعْتَبر ذَلك نُورًا فِي نَهايَة النَّفق، الذي أَدخَلني فِيهِ بَعض المُوظَّفين ببَلديَّة يَنبع..!

هَذه الحِكَاية جُزءٌ مِن مُعَانَاتي -ومِثلهَا يُعاني غَيري مِن أَصحَاب المَتَاحِف الخَاصَّة- أَطرحهَا بَين يَدي كُلِّ مُنصِفٍ ومُحبٍّ للحَقِّ، لَعلَّهَا تَصل إلَى قَلبٍ رَحيمٍ، يُشفق عَلَى المَتحَف، الذي يَسكن مَعي فِي بَيتي. (انتهت الرسالة)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: هَذه رِسَالَة الأُستَاذ «سالم»، والكُرَة الآن لَيسَت فِي مَتحفهِ، ولَيسَت فِي مَرمَى نَادي الاتِّحاد، بَل فِي مَرمَى «أَمَانَة المَدينَة المُنوَّرة، وبَلديَّة يَنبع، وهَيئة السِّيَاحَة»، بانتظارِ مَا ستَؤول إليهِ الأمُور..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store