Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن فتيحي

حسن جاوا وحسن لبني

شمس وظل

A A
في مدرسة الفلاح في جدَّة.. يُختار أحد الطلبة ليلقي قصيدة أمام العريس في يوم زفافه «كُتبت له»..

قد كان لي نصيب في هذا الاختيار.. وأذكر أن كان زفاف في بيت الشيخ أحمد قنديل -يرحمه الله- لولده عبدالعزيز -يرحمه الله-.

كانت ليلة استمعت إلى الشيخ حسن لبني، والشيخ حسن جاوا، ومطربين آخرين.. وامتدَّت الليلة حتَّى الفجر..

كنتُ أستمعُ إلى الغناء.. يشدُّني كثيرًا.. ويردِّد الجمع مستحسنين الأداء.. انسجام وطرب وابتسامات..

أقبع في طرف البرحة.. أنتظرُ قدوم العريس لألقي كلمتي.. وكان أبي -يرحمه الله- ينتظرني عند خروجي.. ليصطحبني إلى البيت.. فقد كان الوقت متأخِّرًا.. حرصًا منه على سلامتي..

في اليوم التالي.. وفي السنة السادسة الابتدائيَّة.. أذكرُ أنَّ الأستاذ المعلم الشيخ عبدالوهاب نشار، مع الأستاذ الشيخ محمد مطر، في حضور الأستاذ معتوق سيد -يرحمهم الله- كتب على السبورة أبيات من الشعر.. لازلت أذكرها..

أهلاً قدمتم وسهلاً تقبلون معي روح من الود والتقدير متقد

يا ناشري سنة حث على إحيائها المصطفى تسمو إلى الأبد

أهلاً بكم في موكب حافل بالعز منفرد

هكذا أتذكر..

وأعلمونا أنَّ الأمير فهد وزير المعارف -آنذاك- سيزور المدرسة، وعلى الطلبة عند دخوله يقفون، ثم يشير لهم المدرِّس بالجلوس.. ويبقى طالب واحد ليلقي الشعر المكتوب ترحيبًا بسموه..

وقد أُختِرت لأن ألقيَ الشعر الترحيبي في الفصل.. وقمنا بعمل تجربة..

وقف الطلبة، وأنا منهم.. ثم جلسوا بعد أن أشار لهم الأستاذ بذلك.. وبقيت واقفًا، وبدلاً من أن ألقي الشعر بأبياته.. لحنّته وغنّيته كما يفعل حسن لبني، وحسن جاوا.

تلك حادثة لا أنساها.. فقد رأيتُ الأستاذ الوقور الجاد جدًّا الشيخ عبدالوهاب نشار مبتسمًا، وخرج من الفصل..

ولم يقم بزيارتنا الأمير، ولم ألقِ الشعر، ولكنِّي أتذكَّر الواقعة وأنا ابن الحادية عشرة..

ما أجمل الأيام.. وما أكمل المعلمين.. وما أحلى الاحترام..!

تعلمت من هذا، أنَّ ما تعشقه الأذن، يعشقه القلب..

ألا ترون أنَّه أحيانًا يهيمن الصوت على المستمع بالهاتف.. فيعشق صاحبه قبل أن يراه، ويسقط العشق بعد الرؤية؟!

فالصوت أحلى وأجمل عادةً من صاحبه.. إلاَّ من رحم ربي..

وما أسعد العين عندما يتكامل الصوت مع الصورة.. وجمال الروح يرافقهما..

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store