Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تعليمنا والتكامل المفقود

No Image

أجراس

A A
تطوير التعليم يجب أن يظلَّ له الأولويَّة القصوى في رؤيتنا الوطنيَّة 2030، ويجب أن يكون هذا التطوير نوعيًّا؛ لنواكب التحوُّلات الكبرى التي تجري في العالم، ومحرِّكها النفَّاث هو التعليم.

كثرت مبادراتنا وبرامجنا التطويريَّة، وصُرف عليها مبالغ فلكيَّة، ونتائجها مازالت دون المأمول؛ الأمر الذي يفرض على الحكومة بناء خطة تنفيذيَّة للقياس والتقويم، والحوكمة الشفافة تقوم بها جهة متخصِّصة محايدة؛ لمعرفة جوانب النجاح والإخفاق في الممارسة.

الرؤية الوطنيَّة حدَّدت عددًا من المؤشِّرات التي تُسهم في توفير فرص التَّعليم للجميع، في بيئة تعليميَّة جاذبة، في ضوء سياسة المملكة التعليميَّة، ورفع جودة مخرَّجاته، وزيادة كفاءة البحث العلمي، وتشجيع الإبداع والابتكار، وتنمية الشراكة المجتمعيَّة، والارتقاء بمهارات العاملين بالوزارة.

إنَّ التقرير السنوي السادس للتنمية الثقافيَّة في العالم العربي، الصادر عن مؤسَّسة الفكر العربي 2015، يرسم صورة رماديَّة عن مخرَّجات نظامنا التعليمي، فعدد الأيام الدراسيَّة تكاد تكون الأقل عربيًّا (178 يومًا في العام)، وهو عدد منخفض كثيرًا عن متوسط الرقم العالمي، هذا إذا افترضنا أنَّ ساعات اليوم يتمُّ استثمارها بكفاءة عالية، وهو ما لا نتوقَّعه في ظلِّ واقع البيئة التعليميَّة.

والاهتمام برياض الأطفال ضعيف، فهناك 5% من المقيَّدين في المرحلة الابتدائيَّة فقط هم الذين تلقُّوا تعليمًا قبليًّا في رياض الأطفال، وهو رقم مخيف، إذا ما علمنا أهميَّة التعليم في هذه المرحلة العمريَّة، وهو ما استشعرته الوزارة فعمدت في خطتها العشريَّة (2004-2014) إلى العمل على رفعه إلى 40%، ولا ندري ما الذي تحقَّق منه في عام 2017؟.

لقد كشف التقرير عن انخفاض للساعات الدراسيَّة، وضمور توظيف التقنية في العمليَّة التعليميَّة، وضعف جاذبيَّة المدارس، وهو ما يوجب الحفر المعرفي في الواقع التعليمي، وكشف نقاط ضعفه، وإيجاد الحلول الجذريَّة والعاجلة لها.

وخريجو الجامعات يعانون من بطالة متجدِّدة؛ بسبب تدوير داخلي للبطالة، تعمل عليه أنظمة القبول في الجامعات. فالتقرير يشير إلى تضخم في تخصُّصات لا تمثِّل أولوية للتنمية، مثل: العلوم الاجتماعيَّة، والتجارة، والقانون 19%، وبرامج غير محددة 30%، في حين أن العلوم 10%، والصحة 4,5%، والهندسة 10% والخدمات 1% بحسب تقرير الوزارة 2011م. والمفارقة أنَّ التقرير يشير إلى المهندسين المتخرِّجين في الجامعات السعوديَّة أكثر من المتوسط العالمي بحوالي 45%، أيّ أنَّهم ضعف متوسط أعداد مهندسي أوروبا، ولكنَّهم لم يشغلوا مواقع نظرائهم من المهندسين الوافدين، الذين يعملون بنسبة 90% في 4513 مصنعًا.

ويؤكِّد التقرير ضعف مخرَّجات التعليم المتمثِّلة في: تدنِّي المؤهِّلات في الصناعة، والزراعة، والخدمات، وفارق الإنتاجيَّة بين السعودي والوافد، وفارق الأجور، وقيم العمل، والزهد في العمل في القطاع الخاص.

ويشفُّ التقرير عن ضعف للتكامل بين وزارتي التعليم وسوق العمل، وهو ما ينبغي معالجته سريعًا على مستوى القبول في الجامعات، وتغيير البرامج الدراسيَّة للتواؤم مع سوق العمل، وبناء شراكات فاعلة في تصميم المقررات وتدريب الطلاب.

إن سبيل نهضتنا الوحيد في هذه البلاد هو التعليم العصري، الذي يكرِّس الإبداع، ويرسِّخ قيم العمل، ويعزِّز الانتماء للدِّين والوطن، وينشر ثقافة التسامح والسلام، ويوائم بين المبدأ والمصلحة، وهذا لن يتحقق إلاَّ برؤية تكامليَّة يشترك في صناعتها الجميع، ويتحمَّلون تبعات إخفاقها، ولا وقت لدينا للتواكل والتردُّد فهما عدوَّا كلِّ نجاح.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store