Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
لمياء باعشن

الكوميديان الإسرائيلي والحقيقة الصادمة

A A
في الثاني من مارس الحالي، وقف الكوميديان الإسرائيلي عسَّاف هاريل

AssafHarel في نهاية برنامجه المسائي «ليلة سعيدة»، الذي تبثُّه القناة العاشرة، وخاطب الجمهور على الهواء بكلمات مزلزلة في مونولوج لا تنقصه الشجاعة. كان هذا البرنامج جدليًّا على أقل تقدير، وقد قابل صاحبه الكثير من المتاعب، خاصَّة حين انتقد بنيامين نتن ياهو على استغلاله وفاة أخيه لمصالحه السياسيَّة. لم يكن من المتوقع أن يكون حديث هاريل بهذه الجرأة، لذلك فإنَّ الحلقة، وبعد ترجمتها للإنجليزيَّة، لاقت انتشارًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي على مستوى محلي وعالمي، وحصلت على مشاركات وتعليقات هائلة.

أكثر ما صعق المشاهدين هو إعلان هاريل إسرائيل بلد التفرقة العنصريَّة بامتياز، وأن سياسة التفرقة العنصريَّة كانت منذ عقود طويلة هي الأساس في التعامل مع الفلسطينيين. يقول هاريل: «إذا نظرت إلى حياتنا في إسرائيل عن بُعد فستجدها عظيمة، نحن نعيش حياة جيدة، لدينا شواطئ جيدة، ونستمتع بأجواء جيدة، ونأكل طعامًا جيدًا، وهذا هو صلب موضوع اليوم.

نحن نعيش جيدًا، لكن هناك ملايين من الناس الذين نتحمَّل مسؤوليَّتهم، يعيشون في أوضاع مزرية: لا بُنية تحتيَّة، ولا طعام، ولا نظام صحي، ولا تعليم. ولأنَّ الملايين يعيشون في فقر مدقع، فإنَّ غزة على وشك أن تقع في براثن الطاعون الفتَّاك. هناك، يقضي الناس ساعات طويلة بلا كهرباء، وبلا ماء، ولكنَّ الإسرائيليين يتساءلون عن معنى الإنسانيَّة في التعامل مع هؤلاء: إنسانيَّة؟ ما دخل ذلك بنا؟ هل تعتقد أنَّنا محبُّون للعرب حتَّى نتعامل معهم بإنسانيَّة؟.

منذأن تولَّى جناح اليمين، السلطة، خاف الناس من التفرقة العنصريَّة . هل تمزحون؟ التفرقة العنصريَّة لم تغادرنا يومًا، وكوننا على جانبهاالمفيد لا يعني أنَّها غير موجودة. كنَّا -وما زلنا- نسيء معاملة الفلسطينيين يوميًّا، وقد حرمناهم من أبسط حقوقهم، ونزعنا منهم أراضيهم بالقوانين التي وضعناها لتخوِّلنا الاستيلاء دون مقابل. يطلق جنودنا الرصاص على مَن يرمي الحجارة، على أساس أنَّه يشكِّل خطرًا حقيقيًّا، مع أنَّ القانون لا يعاقب مَن يرمي حجرًا في إسرائيل. نحن نعاقب الصحفيين الفلسطينيين بدون محاكمات، إن هم كتبوا كمعارضين، وفي كلِّ عيد نحتفل به نأمرهم بإغلاق جميع مصالحهم حتَّى لا يفسدوا علينا فرحتنا.

على مدى سنوات طويلة رحنا نعمِّق الكراهية في صدورهم، وهي نفس الكراهية التي نتبرَّم منها خلال محادثات السلام بيننا. كلّ هذا ونجد لدينا وقاحةً كافيةً لنسألهم: «لماذا تزرعون كراهيتنا في صدور أطفالكم؟ إن أعظم اختراع أنجزته إسرائيل، أكثر من أي مشروع عالي التقنية، هو قدرتنا العجيبة على تجاهل ما يجري على بُعد بضع كيلومترات منا. هنالك شعب بأكمله، تحوَّل إلى مخلوقات شفَّافة لا يراها أحد، لا في الأخبار، ولا على الإنترنت، ولا في وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ، وبالطبع ولا في ضمائر الناس.

إن لدينا بلدًا عظيمًا، ولكي يبقى عظيمًا علينا ألاَّ نقول شيئًا عن حقيقة ما يجري هنا. ولكن منظَّمات العدل والإنسانيَّة ترى التخطيط جيِّدًا، وتحاول أن تصرخ لتقول للآخرين إنَّ عليهم أنْ يستيقظوا من سباتهم؛ ليفهموا ما يدور حولهم. إنَّ كسر حاجز الصمت هو الرسالة التي اعتنقتها هذه المنظَّمات، لكن اليسار المتطرِّف يدَّعي أنَّها منظَّمات غير مشروعة، ليطمس حقيقة الاحتلال ويخنقها.

يومًا ما سيعرف الناس الحقيقة خلف الخط الأخضر، وسوف يُدركون أنَّنا لسنا وحدنا، مع إلهنا، وعلى أرضنا الموعودة. فقط لو أننا نصحو مرَّةً واحدةً قبل قيام الحرب، حتى لا نضطر إلى شروط سلام ومعاهدات متأخرة، لو أنَّنا ولو مرَّة واحدة نكون أذكياء لنصل إلى مفاهمات السلام قبل وقوع خسائر الحرب».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store