Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

النادي المسيحي الغاضب

No Image

أجراس

A A
النهوض الحضاري الذي تحقق على كافَّة الأصعدة في تركيا على يدي رجب طيب أردوغان، كان كافيًا لاستفزاز النادي المسيحي من واشنطن إلى برلين. فالقاعدة عنده أن يكون العالم تابعًا، وهذا النادي متبوعًا، وويلٌ لمن يشبُّ عن الطوق.

القفزة الحضاريَّة التي حققها أردوغان لتركيا أذهلت الجميع، وأغضبتهم في آنٍ واحدٍ. فقد أصبح في عهده الناتج القومي لتركيا أكثر من تريليون، ونصف التريليون دولار، وأصبح الاقتصاد التركي ضمن أقوى عشرين اقتصادًا في العالم،وتضاعفت الأجور والمرتبات 300%، ودخل عصر الصناعة والزراعة بالإنتاج الحربي، وتنمية جنوب شرق الأناضول، وفتح أكثر من 120 جامعةً. إنَّه رجل المعجزات بلا منازع.

هذه الديناميكيَّة جعلت منه بطلاً قوميًّا، وجمعت حوله الأنصار والخصوم، وهذه هي الطبيعة البشريَّة التي لا تتغيَّر، والسُّنَّة الكونيَّة التي لا تتخلَّف.

حاول الغرب كبح جماح هذا الاندفاع التركي بكل الوسائل فلم يفلح، قامت محاولة الانقلاب عليه، فأفشلها معارضوه، قبل أن يفشلها أنصاره. ودُعِم الانفصاليون الأكراد بالمال والسلاح؛ لترويض النمر التركي، فلم ينجحوا.

ولأنَّ الرجل يملك رؤية لبناء تركيا الجديدة، التي تسعى إلى أن تكون القوة الاقتصاديَّة الأولى في العام 2023، شرع في حل الصراع السياسي في البرلمان الذي يعطِّل قدراته القياديَّة، من خلال تعديل دستوري يمنحه صلاحيَّات جديدة باستفتاءٍ للشعب التركي، وما أن بدأ وزراؤه تواصلهم مع أكثر من ستة ملايين وخمسمئة ألف تركي في أوروبا، حتَّى انتفض قادة القارة العجوز بكلِّ قوة ضد خطوة أردوغان، ومنعوا الوزراء من لقاء الجاليات التركيَّة في تناغم منظَّم يشبه تناغم اللحن الموسيقي تحت أصابع عازف ماهر.

اتهموه بأنَّه رئيسٌ استبداديٌّ أوتوقراطيٌّ لا يمكن أن يكون شريكًا للاتحاد الأوروبي، وأنَّه يدوس قيم أوروبا كلَّ يوم، وأنَّه يضعُ مستقبل تركيا في السجن، وبدأوا بتهديد تركيا بمنع السياحة الأوروبيَّة إليها، وعلى الإيقاع نفسه ظهر الإيرانيون ليقولوا: إنَّهم سيوقفون السياحة إلى تركيا.

في الجانب العربيّ هلَّل بعض من السياسيين والإعلاميين العرب ضد أردوغان، حيث اتَّهمه زعيمٌ عربيٌّ -في لقاءٍ خاصٍّ مع أعضاء الكونجرس الأمريكي- بأنَّه يصدِّر الإرهابيين إلى أوروبا! وقالت المستشارة الإعلاميَّة للرئيس السوري بثينة شعبان: إنَّه ينظِّمُ الجاليات التركيَّة في أوروبا ضمن شبكة الإخوان المسلمين، التي تعتبره زعيمها الروحي.

هذا الغضب المسيحي المجنون ضد تركيا وأردوغان ليس جديدًا، فنحن نصطلي بنيرانه اليوم صباح مساء، من خلال الهجوم الممنهج على بلادنا باسم الإرهاب، وحقوق الإنسان، من منظَّمات دوليَّة تنضح بما في جرة هذا النادي.

وهو الذي ثار بقوة ضد النهوض الماليزي على يدي مهاتير محمد، وحاول عرقلته فلم ينجح، ونجح مهاتير في نزع الصاعق، وانسحب من المشهد بهدوء، وبقيت ماليزيا نمرًا آسيويًّا يحسب له العالم ألفَ حساب.

وهو الذي قسَّم السودان بلدين، ويسعى جاهدًا لتمزيق البقيَّة الباقية، ولديه لكلِّ بلد مفتاح خاص، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

أوروبا لن تقبل بانضمام دولة إسلاميَّة مثل تركيا (عدد سكانها يقارب 80 مليونًا) للاتحاد الأوروبي؛ لأنَّها تريد للاتحاد أن يكون ناديًا مسيحيًّا خالصًا. وصراعها مع تركيا في الظاهر والباطن صراع وجود، ففتح القسطنطينيَّة مازال جرحًا نازفًا في قلوب الأوروبيين لا يندمل، ولذلك لمَّا طالب بعض الأتراك بتحويل متحف أيا صوفيا إلى مسجد، قالت المفوضيَّة الأمريكيَّة للحريَّة الدينيَّة في العالم: إنَّ الموافقة على هذا الطلب: سيعرِّض وضع تركيا الدولي للخطر، وسيعيد إلى الأذهان إساءة معاملتها للمسيحيين خلال القرن الماضي.

هذا الغضب المجنون سيجعل من أردوغان بطلاً قوميًّا للأتراك، (وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store