Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

تتبُّع سقطات القوم.. لا يُبرئ النفس من اللوم!

الحبر الأصفر

A A
الإنسَانُ العَربيُّ يَتدخَّلُ دَائِمًا فِيمَا لَا يَعْنيهِ، عَلَى الرَّغمِ أَنَّ التَّوجيهَ النَّبويَّ جَاءَ وَاضِحًا وصَريحًا حِين قَال: (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المرْءِ، تركُهُ مَا لا يَعْنيهِ).. هَذا التَّدخُّلُ جَعَلَ الإنسَانَ العَربيَّ أَوَّلَ الخَاسرين، لأنَّهُ انشَغَلَ بمَعَارك الآَخرين، ونَسِيَ مَعَاركَهُ «مَع نَفسهِ»، وكُلُّنا نَعْلَمُ أَنَّ جِهَادَ النَّفسِ هُو أَعظَمُ أَنوَاعِ الجِهَادِ..!

لقَد كَانَ الأُستَاذُ «كَريم الشَّاذلي» صَريحًا «مَع نَفسهِ»، ووَاضِحًا مَع غَيرِهِ عِندَما اعتَرَفَ فِي كِتَابِهِ المَوسومِ بـ»مَا لَم يُخبرنِي بِهِ أَبِي عَن الحيَاةِ»، حِينَ قَال: (إنَّنا بحَاجةٍ مُلحَّةٍ إلَى أَنْ نُولي حرُوبنَا الدَّاخليَّةَ الاهتمَامَ الأَكبَرَ، وأَنْ نُسلِّطَ ضوءَ النَّقدِ عَلى الدَّاخلِ كَثيرًا. لنَفسي أَقولُ -ثُمَّ لَكُم-: إنَّ مَعَاركَ إثبَاتِ الوجُود تَجرِي دَاخلكَ، وعَليهَا يَتوقَّفُ كُلُّ شَيءٍ فِي الحيَاةِ. اسأَل نَفسكَ: كَم مَرَّةً ضَبطتَهَا تَحقدُ أَو تغَارُ، أَو تَنظرُ بعَينٍ ضَجرةٍ إلَى نَجَاحَاتِ الآخَرين وتَفوُّقِهم؟، أَنَا ضَبطتُها كَثيرًا يَا أَصدقَائي! نَعمْ.. مَرَّات غَير قَليلَةٍ، أَضبُطُ نَفسِي وقَدْ أَعجزَهَا فَهمُ سُنن اللهِ فِي الأَرضِ، فعبَّرتْ عَن جَهلهَا مِن تَفوُّقِ مَن تَراهُم أَدنَى مِنهَا، وارتفَاع شَأنِهم، نَاسيةً أَنَّ فَضْلَ اللهِ يُؤتيِه مَن يَشَاءُ، وأَنَّ صَاحبَ النِّعمِ يُقسِّمُهَا كَيفمَا يَرَى هُو، لَا حَسب مَزَاجِ ضَعيفٍ جَالِسٍ عَلَى بَابِهِ، يَنتَظرُ النِّعمَةَ دُونمَا ثَمنٍ قَدَّمَهُ)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقِي؟!

بَقي القَولُ: لقَدْ كَتبتُ فِي مَدخلِ غُرفَتِي «بيتَ شِعرٍ»، أُردِّدهُ كُلَّ صَبَاحٍ، حَتَّى أُحصِّنَ نَفسِي وأَحميهَا مِن التَّدخُّلِ فِي شؤُونِ الآخَرِينَ، وأُوجِّهَها إلَى ذَاتِي، كَي أُجَاهدَ نَفسِي، وهَذَا هُو البَيت الذِي كَتبتُه:

فَتًى جَاهَدَ الدُّنْيَا وَجَاهَدَ أَهْلَهَا

وَفِي نَفْسِهِ لَمْ يَدْرِ كَيْفَ يُجاهدُ!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store