مدير «الإسلامية» بمنطقة مكة: إنشاء 50 مسجدًا و30 خبيرًامعماريًا يحددون هويتها المكيَّة

كشف مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة مكة المكرمة علي بن سالم العبدلي، عن طرح مبادرة لإنشاء (50) مسجدًا داخل منطقة الحرم وفق الهوية المكية تحقيقًا لرؤية المملكة 2030 التي تتيح قدوم 30 مليون معتمر لأداء مناسك العمرة سنويًّا.

وقال فى حوار مع «الرسالة»: إن أكثر من 30 خبيرًا معماريًّا ناقشوا أبرز خصائص الهوية المعمارية المكية لتكون معيارًا لتشييد تلك المساجد، مؤكدًا أهمية دور الأئمة والخطباء في تعزيز مفهوم القدوة لدى أفراد المجتمع في ظل مشروع (كيف نكون قدوة).

وأضاف أن الفرع بصدد تكثيف برامج ومحاضرات بمشاركة أكثر من (700) إمام وخطيب، وطرح (18) مبادرة منها إلقاء (15) ألف خطبة عن القدوة في جوامع المنطقة، وانتقاء (100) خطبة مميزة عن القدوة وإصدارها في كتاب.. وفيما يلي نص الحوار:

مراجعة أوضاع المساجد

* طرحتم مبادرة مشروع بناء المساجد وفق الهوية المكية ما هو الهدف منها؟

- يأتي هذا المشروع إنفاذًا لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، التي صدرت بتكوين لجنة لتحديد هوية مكة المكرمة التاريخية وكذلك تماشيًا مع رؤية المملكة 2030، والتي تحدد زيادة في أعداد المعتمرين إلى 30 مليون معتمر خلال السنوات المقبلة ممَّا يتطلب الحاجة إلى مراجعة أوضاع وأحجام المساجد والجوامع، وقد ساهم فرع الوزارة بمنطقة مكة المكرمة في هذه اللجنة من خلال مبادرته بمشروع بناء المساجد وفق الهوية المكيَّة ضمن الاتفاقية التي سبق وأن تم توقيعها بين فرع الوزارة ومؤسسة إعمار المساجد الخيرية لإعمار (50) مسجدًا كمرحلة أولى داخل منطقة الحرم بمكة المكرمة، وقد رعى توقيع هذه الاتفاقية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وبحضور نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق السديري بن عبدالعزيز السديري.

لجنة خبراء العمارة

* هل سيكون طابع الهوية المكية ضمن شروط بناء المساجد الجديدة؟

- نعم فلا بد من تضمين هذه الشروط في تصاميم بناء المساجد الجديدة حال اعتماد هذه التصاميم وإقرارها ومن هذا المنطلق نظم الفرع مؤخرًا حلقة نقاش حضرها أكثر من (30) خبيرًا في مجال الهندسة المعمارية من أمانة العاصمة المقدسة والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجامعة أم القرى ممثلة في كلية التاريخ والهندسة والعمارة الإسلامية وخبراء مهتمين بهذا الشأن وعدد من مسؤولي المكاتب الاستشارية والمعمارية، وقد استضافت اللقاء مشكورة الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة وتم خلال هذه حلقة المناقشة تبادل الأراء والأفكار والمقترحات لتفعيل هذه الاتفاقية ومناقشة مشروع تصميم المساجد وفق الهوية المكية.

مفردات عمرانية مكية

* ما هي المعايير المطلوبة لبناء المساجد المكية؟

- إن تأصيل الهوية المكية في المساجد يتطلب توفير هيكل معماري بمفردات عمرانية وسمة فنية مكية بعراقة الماضي وبلمسة عصرية بدون فقد هويتها ومفرداتها الأصلية مع ضرورة التفاعل الحقيقي مع عمارة الفن الإسلامي للوصول إلى تحقيق الهدف في الشكل والوظيفة.

وتتميز الهوية المكية في نمطها المعماري من تحقيقها للخصوصية ومراعاتها للظروف البيئية والاجتماعية واحترامها للعادات والتقاليد.

ولا شك أن الهوية المكية تعتبر تكاملاً حضاريًّا في واجهات المباني التقليديَّة والمساجد التي تتميز بطراز فني متنوع نتيجة عوالم متعددة أثرت في تحديد هويتها وطابعها فقد تميزت المساجد المكية باستخدام الرواشين والشيش لتغطية النوافذ، ويعتبر هذا العنصر من أبرز سمات واجهات العمارة التقليدية المكية وأحدثها تعبيرًا لتحقيقها لمبدأ الخصوصية.

لائحة معتمدة للمتبرعين

* ما هو المطلوب من المحسنين وفاعلي الخير الذين يرغبون بناء مساجد جديدة في مكة المكرمة؟

- تخضع عملية بناء المساجد من قبل المحسنين لمجموعة من الأنظمة والتعلميات التي يجب القيام بها في التنفيذ لكي يتم العمل وفق الخطوات التي تعزز وتتضمن سلامة مراحل العمل، كما توجد لائحة معتمدة في ذلك تنص على أن يقوم المتبرع الراغب في بناء المسجد بفتح حساب بنكي يودع فيه مبلغ الإنشاء المتعاقد عليه، وكذلك مبلغ الإشراف حسب المخططات المعتمدة من الفرع.

هوية جامعة لملتقى الثقافات

* ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم عند البدء في تنفيذ أولى خطوات مشروع بناء المساجد وفق الهوية المكية؟

- كل عمل أو مشروع لابدَّ أن تواجه بداياته مشكلات وعقبات، ولكن سرعان ما يتم حل تلك الإشكالات فلا شك أن موضوع تحديد المعايير له مدارس كثيرة خاصة في مكة المكرمة، فمن يرى مدرسة الحرم المكي الشريف الذي يعتبر هو رأس تاريخ مكة المكرمة، حيث إنها ملتقى ثقافات بحكم اجتماع المسلمين في الحج من كل أصقاع الدنيا، ولعل أكبر تحدٍّ واجهنا هو الاتفاق على معايير هذه الهوية للمساجد كون مكة المكرمة قبلة للمسلمين جعل فيها مدارس كثيرة تليق بسكانها وقاطينها، فمثلاً من يرى أن هوية مكة المعمارية تتمثل في بناء الحرم المكي الشريف والبعض الآخر يرى أن مكة ملتقى الثقافات فيرى التنوع وهكذا. إضافة إلى الانطباع العمراني والتاريخي خاصة وأن مكة المكرمة شرفها الله تعتبر ملتقى للعديد من الثقافات والأفكار فمن الصعب عكس هذه المعايير جميعها في مخرج واحد، ولذلك قام الفرع بعقد ورشة عمل في مجال تطبيق الاتفاقية المشار إليها والخاصة بإنشاء (50) مسجدًا داخل منطقة الحرم لمرحلة أولى أو في غيرها من المساجد المكية التي سيتم تشييدها في المستقبل، على أن تحمل جميعها الهوية المكية، كوننا الآن سنعمر مساجد جديدة وبمخرجات جديدة تتفق مع رؤية المملكة (2030)؛ لأن هذه الرؤية تتكلم عن 30 مليون معتمر في مكة المكرمة، فهؤلاء جميعهم سيستفيدون من هذه المساجد التي تكون داخل منطقة الحرم وكما هو معلوم أن مكة المكرمة ستتحول كلها إلى منطقة مركزية، فكل مسجد سيراه الحاج والمعتمر كأنه الحرم في عمارته؛ لأنه سيصلي في الحرم، وبعد ذلك سيذهب إلى سكنه ويصلي في المساجد القريبة من سكنه وسيستفيد من الخدمات المقدمة في هذه المساجد.

* ما هي أبرز جهود الفرع في تطبيق مشروع (كيف نكون قدوة)؟ وما هي الأنشطة والفعاليات التي أعدت أو ستعد في هذا المجال؟

- منذ أن أطلق سمو مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة فكرة هذا المشروع وفرع الوزارة يعمل على إعداد وتنفيذ العديد من البرامج الهادفة التي تقام تحت شعار المشروع (كيف نكون قدوة)، وبتوفيق من الله -عزَّ وجلَّ- كان للفرع السبق في تدشين أولى فعاليات مبادرات هذا المشروع من خلال ندوة نظمها الفرع تحت عنوان (دور الائمة والخطباء في تعزيز مفهوم القدوة لدى أفراد المجتمع)، وقد دشنها سمو أمير المنطقة في الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول الماضي بجدة، بحضور وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ونائبه الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري، والدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وحضرها أكثر من (700) إمام وخطيب، وبلغت مبادرات الفرع في هذا المشروع أكثر من (18) مبادرة، منها إلقاء (15) ألف خطبة عن القدوة في جوامع المنطقة وانتقاء (100) خطبة مميزة عن القدوة وإصدارها في كتاب.

ترميم المساجد والمصليات

* ما هي أبرز المشروعات المستقبلية للفرع بمنطقة مكة المكرمة ومحافظاتها؟

- هناك عدة مشروعات ما بين هدم وإعادة بناء وترميم للمساجد والجوامع ومصليات الأعياد بمنطقة مكة المكرمة والمحافظات التابعة لها، ويتم اعتماد هذه المشروعات وفق الميزانيات السنوية للفرع.

سكن الأئمة والمؤذنين

*هناك مساجد في الأحياء الشعبية والمناطق الجبلية تعاني من عدم وجود أئمة ومؤذنين رسميين.. هل سيغطي الفرع هذه المساجد بطرح وظائف جديدة للأئمة والمؤذنين للعمل بها؟

- الوظائف متوفرة -ولله الحمد- ولكن المشكلة هي العزوف عن التقدم لوظائفها لوجودها في أحياء شعبية ووجودها على قمم الجبال وعدم توفر سكن للأئمة والمؤذنين وهذا هو السبب الأهم.