Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

وهج زائِف

أمل وعمل

A A
البريق الإعلامي الذي يتم تركيزه على بعض الأشخاص أو بعض المشروعات من قِبَل بعض الجهات الإعلامية يساهم في كثيرٍ من الأحيان في الإفساد أكثر من مساهمته في التعريف أو التطوير أو تقديم الخدمات للمجتمع، فبعض التقارير الإعلامية تُركِّز في الدرجة الأولى على تلميع وتمجيد القائمين على المشروع أكثر من قيامهم بالتعريف عن هوية المشروع أو الأهداف التي وُضع من أجلها، فهم يعمدون إلى متابعة شخصية المسؤول عن المشروع وتفقد تحركاته وتنقلاته وأسلوب عمله وتحويله من شخصية إدارية مسؤولة عن مشروعات معينة إلى شخصية إعلامية لا يكون همّها التركيز في المشروعات، بل همّها كيفية التعامل مع وسائل الإعلام والتجاوب مع طرحها والتنقل بين الاستديوهات لإجراء المقابلات المختلفة.

على تلك الجهات الإعلامية أن يكون لها وقفة في هذا الأمر، وأن تضع حداً فاصلاً بين إبراز وتلميع المسؤول وبين إبراز الإنجازات والنتائج التي تتحقَّق من المشروعات والبرامج التي يتابعها، ويجب عليها أن تعيد النظر في أسلوب وسياسة المواد الإعلامية التي تُنشر عن بعض المسؤولين، فالناس لا تهتم بشخصية المسؤول بقدر اهتمامها بالخدمات والنتائج التي يتم تحقيقها من قِبَل الإدارات والمشروعات التي هو مسؤول عنها، والتي تعود عليهم بالنفع والفائدة وتساهم في توفير معيشة كريمة لهم.

مع التطور التقني وانتشار وسائل التواصل الاجتماعية أصبح البريق الإعلامي كالشمس الحارقة والتي ما إن تُشرق على المسؤول ويُصيبه جزء من لهيبها إلا وأحرقته، فالأضواء عندما يتم تركيزها على الفرد فلن يسلم من حرارتها، ومهما نعم بالشهرة في البداية فإن نهاية المطاف كثيراً ما تكون مؤلمة، خصوصاً إن لم تكن هناك نتائج وإنجازات حقيقية على أرض الواقع.

هناك الكثير ممن أُصيبوا بوهج الإعلام لم تشفع لهم تلك التغطيات الإعلامية ولم تساهم في تخليد ذكراهم لدى المجتمع، وفي المقابل فإن ما ساهم في تخليد ذكرى بعض المغمورين والذين لم يَعرفوا للإعلام طريق هو أعمالهم والإنجازات التي سعوا في تحقيقها واستفاد الناس عملياً منها، فهي حقيقة يجب أن يؤمن بها كل مسؤول، وهي أن الفرقعات الإعلامية والحملات الصحفية ضررها أكبر من نفعها، وشررها أكثر من خيرها، وما يبقى أثره هو ما ينفع الناس وما يُصدِّقه المجتمع اليوم هي لغة الإنجاز والعمل، فهي لغة العصر وهي اللغة التي ستصل للناس عاجلاً أم آجلًا، أما الوهج الإعلامي، فهو إما أن يحرق صاحبه أو أنه يخفت مع مرور الوقت ويعرف الناس حقيقته وأنه كان وهجًا زائفًا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store