Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

القمة العربية..!

A A
يتضمن جدول أعمال القمة العربية المنعقدة هذا اليوم في العاصمة الأردنية عمّان ثلاثين بنداً أهمها، كما نشرت وسائل الإعلام، «حل الدولتين، والتمسك بالمبادرة العربية» فيما يخص الصراع العربي - الإسرائيلي، إضافة إلى الأزمات العربية في ليبيا وسوريا والعراق واليمن. وكل بند من البنود الثلاثين مشْكلةٌ بذاته دراسة وتحليلاً واستنتاجاً وحلولاً !!.. كما أنها ليست سوى تكرار لبنود جداول أعمال قمم عربية سابقة ربما منذ تأسيس جامعة الدول العربية وبدء القمم.

والسؤال، هل أمة العرب في حاجة في الأصل لمثل هذه القمم؟ وما مدى جدوى قمم عربية متكررة لم تثبت فاعلية نتائجها على واقع العرب لا في حل إشكالاتهم السياسية ولا في فض المنازعات والمناوشات العربية-العربية فيما بينهم البين، ولا في تحقيق العناوين البرَّاقة من مثل تطوير المجتمعات العربية والقضاء على الفقر والأمية وغيرها كثير.؟

العرب اليوم أمسُّ ما يكونون فيه للمصارحة مع أنفسهم كدول ومع بعضهم البعض كأمة عربية ،ففي القضية الفلسطينية وهي قضية العرب جميعهم الأولى لابد من اتفاق الإخوة الفلسطينيين أنفسهم على ماذا يريدون وتوحيد رؤيتهم لمستقبلهم وشعبهم بعيداً عن الخلافات المتكررة والمزايدات والارتباطات المصلحية التي لن تفيد في شيء سوى تفريقهم وإضعاف الموقف الفلسطيني في كل المحافل والمفاوضات.

وأما بقية العرب ،وهم اليوم شذر مذر لا توجد سوى مناطق قليلة من أراضيهم يسودها الاستقرار، فعليهم أولاً وقبل كل شيء الاهتمام بذواتهم وبدولهم ومراعاة مصالحهم الخاصة وعلى كل المستويات الأمنية والإدارية والتعليمية والصحية والاقتصادية وتوحيد صفهم الداخلي سواء كأحزاب أو أفراد ومجتمعات ،ثم الالتفات بعد ذلك إلى الشأن العربي العام لأن في قوة الفرد قوة للمجموع العام ،وقوة الدول العربية مستقلة قوة لأمة العرب كوحدة كبرى. أما أن تبقى النزاعات العربية-العربية مزدهرة بفضل مصالح ضيقة وارتباطات خارجية وأهداف غير نزيهة فلن يزيد في العرب سوى تفككهم وضياع حقوقهم.

في القمة الحالية في عمان وكما تناولته وسائل الإعلام ظهر تباين كبير في رؤية الدول العربية لبنود الاجتماع ووضح من ذلك التباين خروج غير مبرر عن الإجماع العربي أو مصالح العرب كإدراج عودة نظام بشار الأسد إلى مقعد سوريا في الجامعة العربية والذي جمَّدته من قبل قمة عربية كنتيجة لحمام الدم وتدمير كل مظاهر الحياة بين أبناء الشعب السوري ،وكذلك سعى البعض إلى إعطاء شرعية لانقلابيي اليمن الحوثيين وعُصاة علي عبدالله صالح ضمن ممثلي اليمن بحجة إحداث انفراجة في الأزمة اليمنية ،وتناسى هؤلاء وأولئك أن من أولويات الاتفاق العربي التمسك بالمبادئ وعدم تجزئتها أو تفصيلها على مقاس هذا أو ذاك وأن ما هو حق لا يمكن المساومة عليه.

بقدر ما أتمنى نجاح قمة عمان بقدر ما أدرك أن ذلك صعب جداً فيما يتعلق بالبنود الثلاثين وحسمها لأزمات طال زمنها وطالت آمال الشعوب العربية انتظاراً لحلها وزحزحتها من السيئ إلى الأسوأ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store