Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

إيران وإسرائيل قطبا الاحتلال!

A A
أكتب مقالي هذا قبل انعقاد القمة العربية الثامنة والعشرين في الأردن، ويتم نشره وقد انتهت، وتم إذاعة ونَشْر بيانها الختامي، ولذا لا يُمكنني التنبؤ بما سيتم التوصل إليه من قرارات، سوى ما يختص بالقضية الفلسطينية، حيث أتوقَّع أن تصدر - كما في السابق- إدانة تجاه الاحتلال الإسرائيلي وطلب وقف بناء المستوطنات، وهذا ما لن تُعيره إسرائيل - للأسف- أي اهتمام، ولم تفعله طوال تلك السنوات، بل ورفضت كل القرارات الصادرة بهذا الشأن.

لكن ما أدهشني هو التصريحات التي سبقت المؤتمر حول مبادرة السلام العربية، حيث ظهرت أصوات أشارت إلى أنها في سبيل تقديم مقترحات أو تعديلات جديدة على المبادرة. ولا أعرف لماذا الإصرار على إجراء تعديلات جديدة والمبادرة قد تم الموافقة عليها من الجميع، في الوقت الذي صرّح فيه وزير الخارجية الأردني قائلاً: «لم يكن ولن يكون مطروحًا أمام القمة العربية سوى المبادرة العربية، وهي المرجعية الوحيدة لأي تسوية للقضية الفلسطينية». هذه المبادرة سبق وأن تم تعديلها من قِبَل الجامعة العربية، بحيثُ أجازت فيها رسميًّا مبدأ تبادل الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين برعاية أمريكية فيما اعتبر مرونة رحبت بها الأطراف المعنية، ورحب بها الإسرائيليون أنفسهم، وللأسف تم عرقلتها، بالنظر للتباين بين الأطراف الفلسطينية بشأن الاستعداد لقبول متساوٍ للأراضي ضمن حل نهائي مع إسرائيل، حيث اعتبرت فصائل معارضة لها مثل «حماس» و»الجبهة الشعبية السياسية لتحرير فلسطين» أنه تضمَّن تنازلات مجانية للحكومة الإسرائيلية، وإيغالا في دبلوماسية التسول والتوسل لوزراء الخارجية العرب.

ولا أعرف سبباً لمثل هذا التباين الذي يُعطِّل مؤتمرات القمة العربية، ويكون بمثابة حجر عثرة أمام تحقيق السلام، وهو تباين نراه في كل مؤتمرات القمة التي تمت خلال الأربعة عقود الماضية، حتى أصبحنا على ما نحن عليه من تعقيدات، فبعدما كانت قضية فلسطين هي القضية الأولى التي تشغل الفِكر العربي جاءت أحداث الربيع العربي التي فكَّكت علاقات معظم دوله، لتُزاحمها، فأصبحت قضايا كل من اليمن وسوريا وليبيا والعراق قضايا ملحة هي الأخرى، تستوجب الطرح والبحث عن حلول لها.

حينما قدم الملك فهد -يرحمه الله- مبادرته وكان وليًا للعهد آنذاك- في مؤتمر فاس في محاولة لإيجاد حل للنزاع العربي الاسرائيلي، رفضت بعض الدول العربية مثل مصر وسوريا والعراق إلى جانب إسرائيل المبادرة، فإسرائيل رأت من جهتها أن مبادرة الملك فهد خطة لتدميرها على مراحل، وأنها تُناقض اتفاقية «كامب ديفيد» ورفضت مصر -آنذاك- المبادرة، وأعلنت تمسكها باتفاقية «كامب ديفيد»، بينما الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كان أول الموافقين والمتفائلين بها، وقال مخاطباً زعماء القمة العربية التي عُقدت في فاس عام 1981م: (استعدوا للضربة، لقد أدّيتم بضغطكم هذا إلى موقف سيؤدي إلى رفع الغطاء العربي عنا، اللهم اشهد اني بلغت).. واعتقد الكثير من الباحثين، أن إفشال المبادرة السعودية آنذاك كان أساساً لعملية غزو لبنان في العام الذي تلاها.

من الصعب جداً أن تكون للقرارات التي ستصدر أية فاعلية في ظل هذا الانقسام والتفتت، الانقسام العربي والتفتت الفلسطيني، نحن نُسلِّم بأن القضية الفلسطينية قضية مركزية ، لكن ما طرأ على عالمنا العربي في كل من سوريا والعراق واليمن -والتي شهدت تدخلات إيرانية- يجعل هذا الملف يحظى بالأولوية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store