Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

العراق المخطوف!

A A
انتهت بحمد الله أزمة الصيادين القطريين المخطوفين في العراق بعد أن تم دفع الفدية التي قيل إنها بلغت 700 ألف دولار، وعلى ذمة صحيفة الجارديان البريطانية فإن الخاطفين ينتمون لجماعة كتائب حزب الله وحياة تحرير الشام بالإضافة إلى أحرار الشام الذين لم يكتفوا بطلب الفدية النقدية فقط، بل وزادوا عليها بالمطالبة بإجلاء بلدتي «مضايا والزبداني» قرب دمشق. والذين شاهدوا استقبال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للمختطفين بعد الإفراج عنهم وعلامات الانكسار بادية على وجهه، يدرك إلى أين وصلت الفوضى في العراق، لدرجة وصل معها إلى عدم سيطرة الحكومة على الأمن فيه، وعجزها عن السيطرة على المليشيات التي تمارس الخطف والقتل، ولديها سجونها الخاصة بها البعيدة عن الأنظار. وخطف الصيادين القطريين وعدم تمكن الحكومة من الوصول اليهم أكبر شاهد على ذلك، وهو أمر دعا السيد «هوشبار زيباري» القيادي في الحزب الديمقراطي وزير المالية السابق إلى أن يُعلِّق على هذا بقوله: (إن إطلاق سراح الصيادين في العراق بعد 16 شهراً من الأسر من قبل جماعة مسلحة إيرانية وحزب الله يعد هزيمة للعراق السيادي).

بعد سقوط بغداد عام 2003 في أيدي القوات الأمريكية، كان العراقيون يفضلون بقاء الاحتلال الأمريكي حفاظا على استقرار العراق إلى أن تكتمل قدراته ويعتمد على نفسه، وهي رغبة كانت تدعو إليها معظم الدول العربية، ولم تجد معارضة سوى من التيار الصدري في الداخل، ومن النظام الإيراني في الخارج الذين كانوا يطالبون بالانسحاب، ووجدوا مساندة من بعض الأوساط داخل الولايات المتحدة التي كانت ترى بأن بقاء القوات من شأنه أن يلحق بها مزيدا من الخسائر البشرية التي كان يتكبدها الجيش، لاسيما وأن قوات التحالف حققت أهدافها العسكرية وعلى رأسها إسقاط النظام وتغيير النظام السياسي العراقي، وهو ما كان يرفضه الرئيس الأمريكي بوش، لكن وفي عهد الرئيس الأمريكي (أوباما) تحققت مطالب أولئك، لعدم اهتمامه بأمن العراق، فعمَّت الفوضى كافة أرجاء العراق، ولم ينجحوا في حكم أنفسهم، كما لم يرسوا النموذج الديمقراطي، الأمر الذي استشرى فيه العنف والانفلات الأمني، وصاحب ذلك الأزمة السياسية التي نشأت إبان حكومة المالكي الذي يتحمل مسؤولية تأزُّم الوضع استنادًا إلى انتمائه المذهبي والحزبي، ولم يرَ العراقيون (داعش) والتدخل الإيراني إلا في عهد حكومته التي فتحت الأبواب على مصراعيها لكي تحتل إيران العراق، وتتغلغل في مدنه وقراه، وتشارك في تعيين أعضاء الحكومة العراقية. عطفاً على هذا، نخلق العذر للسيد «حيدر العبادي» لكونه لا يملك أن يمنع تلك المليشيات من ممارسة نشاطاتها في الخطف والقتل، وإنماء مداخيلها عبر (الفدية) تارة، وعبر تهريب المخدرات تارة أخرى.

لا يمكن لأحد أن يُصدِّق أن العراق الذي كان يقف شوكة في حلق إيران يتحول لأداة في يد الإيرانيين الذين تمكَّنوا عن طريق أذرعهم السياسية أن يُهيمنوا على مراكز صنع القرار في العراق. فـ»العبادي» بريء من مسألة اختطاف الصيادين القطريين كبراءة الذئب من دم يوسف.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store