Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

زيارة تاريخية وعهد جديد

A A
لا توجد هناك ثمة مقارنة بين زيارة الرئيس الأمريكي السابق «أوباما» للقاهرة عام 2009 والتي ألقى خلالها خطابه الشهير في جامعتها، وبين الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي الحالي «ترمب» قريبًا للمملكة، فزيارة «أوباما» للقاهرة أتت وفاءً لعهد قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية، مفاده، بأنه سيُوجِّه رسالة للمسلمين من عاصمة إسلامية، يهدف من ورائها تحسين العلاقة بين بلاده وبين العالم الإسلامي التي -كما يراها- بأنها تشوَّهت كثيراً في عهد سلفه الرئيس «بوش الابن»، أفصح فيه عن تفضيله استخدام الدبلوماسية لتسوية المشكلات، مستذكراً كلمات الرئيس الأمريكي الأسبق «توماس جيفرسون» الذي قال: (إنني أتمنى أن تنمو حكمتنا بقدر ما تنمو قوتنا)، ويرى أنه تعلم من هذه الحكمة درسا مفاده، أن القوة ستزداد عظمة كلما قل استخدامها.

لكن زيارة الرئيس «ترمب» للمملكة تختلف كثيراً، فهي تأتي برغبة منه لعاصمة مهمة تهفو لأراضيها قلوب أكثر من مليار مسلم، ولحليف قوي، يُخاطب من على منبرها كل الزعماء العرب والمسلمين الذين سيحضرون هذا اللقاء التاريخي، ليبني -كما قال- ائتلاف من الأصدقاء والشرفاء الذين يتقاسمون هدف مكافحة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، فليس من مهمة بلاده أن تملي على الآخرين طريق الحياة التي يجب أن يسلكوها. ولا بأس إن كان الاختيار وقع على المملكة كأول محطة للزيارة لمحاولة مواجهة الادعاءات الواسعة الانتشار بأن الرئيس «ترمب» معادٍ للإسلام -كما تردد في بعض وسائل الإعلام- فلندعه يُدافع عن نفسه ونسمع منه. و»ترمب» الذي كما أسلفنا بأن زيارته هذه ستكون أولى زياراته الخارجية التي يغادر فيها أراضي الولايات المتحدة عقب فوزه بالرئاسة، وصفها بأنها من دواعي فخره، ففي خطابه الذي ألقاه أمام زعماء دينيين في البيت الأبيض قال: «أفخر بالادلاء بإعلان مهم وتاريخي في هذا الصباح، وهو أول جولة خارجية لي كرئيس ستكون للسعودية».

وفي الوقت الذي تذهب فيه بعض التحليلات التي تصف هذه الزيارة بأنها مؤشر مهم على رغبة الإدارة الأمريكية الجديدة في تعزيز علاقتها مع حليفها الرئيس في الشرق الأوسط، إلا أنه يجب علينا أن نُذكِّر بالدور المهم الذي لعبه سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتأثير الذي أحدثته زيارته الأخيرة للولايات المتحدة ولقائه بالرئيس «ترمب»، والتي كانت بمثابة نقطة تحوُّل كبرى في عودة العلاقات إلى سابق عهدها بعد فترة تباعد تمَّت في عهد الرئيس الأمريكي السابق «أوباما»، هذا اللقاء أظهر فيه الرئيس ترمب احترامه للدين الإسلامي باعتباره أحد الديانات السماوية التي جاءت بمبادئ إسلامية عظيمة تم اختطافها من قبل الجماعات المتطرفة.

الزيارة كما هو معلن عنها، ذات أبعاد ثلاثة، لقاء ثنائي بين البلدين الصديقين، وآخر مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وأخير مع بعض زعماء الدول العربية والإسلامية الذين وُجهت لهم الدعوات لحضور هدا اللقاء التاريخي. وسيسعى من خلاله الرئيس «ترمب» -كما هي رغبته- في بناء مستقبل مشرق وعادل للشباب المسلم في بلدانهم، يتوقع منه نتائج ملموسة في التصدي للأفكار المتطرفة، حيث سيبدأ -كما قال- بوضع أساس جديد لمحاربة الإرهاب، ودعائم تحالف جديد ضد التطرف والإرهاب والعنف، وتحمل بعض الدلالات المهمة، لعل في مقدمتها التعريف بنهج الإدارة الأمريكية الجديدة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store