Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سعيد محمد بن زقر

الجنسية وحق العمل

A A
نعلم أننا نعيش بدول لها حدودها وجنسياتها وأنظمتها التي ينبغي احترامها مثلما ندرك أن الأصل في علاقة الناس ببعضهم قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).. والآية تدعو للتعارف والمحبة وتبادل المنافع وتحقيق المصالح الدينية والمكاسب الدنيوية كمداخل تنشر الإخاء وتحقق الخلافة على الأرض، على نحو يفسر أسرار الوجود على ظهرها.

والآيات الكريمة تجعل التعارف عبادة تقودنا للتقوى والصلاح ونحن نسعى لكسب العيش الكريم ونتعايش مهما اختلفت ألواننا وتباينت ألسننا ومهننا. فعلاقاتنا كبشر يجب أن تنظم على أساس التكامل والتناغم سواء كنا دولاً أو أفراداً، تجاراً أو أطباء أو أكاديميين أو صحافيين. فأي مهنة تأخذ وتعطي المهنة الأخرى. فالتعدد إذن حكمة إلهية ينسجم بالنظرة الموضوعية المنصفة في أحكامنا على الهويات والجنسيات وبالتالي على حق العمل. ففي تجارب الدول المتقدمة اقتصادياً تم استيعاب هذه النظرة الموضوعية فحازت على صفة الصلاح في الأرض ،فالأرض لله ، يورثها من يصلحها بالعدل ولو كان كافراً وهي لا تصلح بالإيمان مع الظلم ،وتتعزز معاني التعددية إن أدركنا أن مالنا مال لله ونحن مستخلفون فيه ومستأمنون عليه وننفق منه على نحو ما ننفق من ما اختصنا به الله من مهارات وصفات، وتبعاً يستنتج الدكتور النابلسي أن الصالح الذي يرث الأرض وفق قوله تعالى (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) ، فهمت خطأ أنها للمؤمن وتأويل الرجل شدني للتأمل في الآية الكريمة فالأرض لله يرثها الصالحون بغض النظر عن إيمانهم والاستدامة تتحقق بالعدل والنظرة الموضوعية للأمور.

هذا يستلزم ترتيب أوراقنا الفكرية للتعلم من نصوص ديننا، ومرجعيتنا لقراءة تجاربنا وصلتها بتجارب حققت إصلاحاً بالأرض. واعتبرت الجنسية نظاماً وليست شرطاً لمنح الأفراد حق العمل. لهذا خلت ممارساتها عن مشاكل ظلت تواجه تجارب العالم الثالث. فالفلبينيون والسيرلانكيون والبنغلاديش والأفارقة موجودون، ما وُجدت أنظمة تجارية وصناعية وضرائبية. الفرق في فعالية أنظمتها في ضبط الهجرة وتنظيم أسواق العمل مع تطبيق عالي التناغم وحقق أهداف تلك الدول في النمو والاستدامة. وعالم اليوم صار كتاباً مفتوحاً، في قراءة تجاربه، للاقتباس سواء من اليابان إلى نيوزيلندا أو من أمريكا للصين وكوريا وإلى الدول الاسكندنافية أو من أستراليا لأفريقيا. وبلمسة زر على لوحة الحاسب الآلي تتاح لك تجارب قي العمل وتطبيقات بأنظمته مثلما توفر سياسات أجور وحد أدنى للأجر بمعادلة واضحة فمن لا يعمل يعود لبلاده. وليس ثمة بلد متقدم بدون مهاجرين وتأشيرات. لكن الأنظمة تواكب التطورات بتوفر بيئة ومحاكم وقضاة.

المملكة بمرجعية الكتاب والسنة كدستور، تعتبر الأفضل من حيث سيادة القانون والعدل، لهذا أي تقصير إنما يعزى لتقديرات بشرية من الذين يطبقون أنظمة أوكلت إليهم من ولي الأمر. ولهذا فإن الأسئلة التي تطرح نفسها كيف نتجاوز أي عجز في التطبيق متى ينشأ ؟ وهل هو باللوائح أم في تطبيقها ؟ وهل تحتاج إجراءاتنا لتطوير؟ وهل ممارساتنا الفعلية ستحقق مقاصد رؤية 2030 ، في تنويع الاقتصاد والتنمية المستدامة وممارسات العدالة ؟ ومن ناحية تفسير الأنظمة، كيف تُؤوَّل لتولد اختلافات في تطبيقها بين منطقة وأخرى؟ إن الأسئله الصحيحة تقود لحلول صحيحة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store