Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أبو ملحة: «الإرهابي 20» ترويج لإيديولوجيا خطرة

No Image

A A
يجزم الدكتور محمد بن يحيى أبوملحة، أستاذ الأدب الحديث بجامعة الملك خالد، ونائب رئيس نادي أبها الأدبي، بنجاح مؤتمر الهويَّة والأدب الثاني، الذي أقامه النادي مؤخَّرًا تحت عنوان «السرد في منطقة عسير»، مدللاً بالحضور الكبير للمؤتمر والمشاركات الواسعة من مختلف مناطق المملكة، رافضًا بعض الاتهامات التي تشير إلى أن المؤتمر همَّش المثقفين، محددًا بالأسماء أعمال مثقفي ومثقفات المنطقة الذين تناول المؤتمر أعمالهم.

واعتبر الدكتور أبو ملحة أن تعرُّض بعض المثقفين لحالة غضب أو ظروف معينة تجعلهم ينشرون مقالات على صفحاتهم فيها تسرُّع أو انفعال، مبديًا استغرابه من وصف الدكتور علي الموسى لقراءته لرواية «الإرهابي 20» بالمؤدلجة، وقال: «يبدو أنه يخلط بين الأدلجة ونقد الأدلجة».

وطالب الدكتور محمد بن يحيى أبو ملحة في حواره لـ»الأربعاء»، بأن يرتقي النقاد بنقدهم وقراءاتهم الأدبيَّة، وأن تكون الجودة الفنيَّة هي المعيار، الذي يجعلهم ينصرفون إلى النصِّ الأدبيِّ، كما أنه يفترض أن يلتفت إلى إبداع الشباب، مؤكِّدًا أن الشللية ظاهرة مزعجة في الوسط الثقافي والنقدي، ومعتبرًا فوز رواية «موت صغير» لحسن علوان بجائزة البوكر دليلاً على أن الرواية السعوديَّة بدأت تنضج.

المؤتمر نجح

* برأيك.. هل نجح مؤتمر الهويَّة والأدب الثاني (السرد في منطقة عسير) الذي نظمه نادي أبها الأدبي، بحوثًا، وجلساتٍ، وختامًا، وتوصياتٍ؟ وما هي قراءتكم لوجوه الحاضرين رغم غياب بعض الأسماء النقديَّة؟

- نعم.. لقد نجح المؤتمر نجاحًا فاق توقعاتنا، نجح ابتداء بافتتاح صاحبِ السموِّ الملكيِّ أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز له، وتدشين النسخة الثانية منه، ونجح بحجم الحضور الكبير والمشاركة الواسعة من مختلف مناطق المملكة وعدد من الدول العربية الشقيقة، وعلى الرغم من تقديم الامتحانات، وكثرة ارتباطات الأساتذة والأدباء الأكاديميَّة والوظيفيَّة، إلاَّ أنَّ الحضور والمشاركة كانت واسعة -ولله الحمد- وقد نجح المؤتمر -كذلك- في البحوث القيِّمة التي أثرت جلساته وقدَّمها أعلام النقد السردي في المملكة والعالم العربي، بالإضافة إلى بعض الباحثين والباحثين من الشبان والشابات من أبناء المنطقة من طلبة الدراسات العُليا المشتغلين بالنقد السردي، كما تضمَّنت تلك الجلسات جلسة الشهادات الإبداعيَّة لخمسة من روَّاد الإبداع السردي في منطقة عسير، وشهدت مداخلاتٍ ثريَّةً عمَّقت حجم الفائدة وتبادل وجهات النظر المختلفة، وتداول الآراء المتعددة، وقد رأينا ذلك في وجوه الباحثين، وقرأناه في انطباعاتهم وامتنانهم لسمو أمير المنطقة، ولأبها، وأهلها، وناديها الأدبي.

كما أن التوصيات التي خرج بها المؤتمر عكست أهميَّة موضوع (الهويَّة) ومركزيَّته لدى الباحثين والأدباء، وكونه منطلقًا مهمًّا من منطلقات الأدب عمومًا، والسرد خصوصًا، وأن الانتماء لهويتنا الوطنيَّة العربيَّة الإسلاميَّة يفتح الآفاق الواسعة أمام المبدعين والأدباء، كما أوصى المشاركون بإنشاء جائزة وطنيَّة للأعمال التي تعزِّز قيم الهويَّة في زمن تتزعزع فيه هويات كثير من البلدان والمجتمعات من حولنا، بينما ننعم في هذه البلاد المباركة بالالتفاف حول قيادة رشيدة تجمعنا تحت قيم هذه الهويَّة الوطنيَّة الجامعة، التي ترتكز على الدِّين الإسلامي القويم، ولغتنا العربيَّة الخالدة، واللُّحمة الوطنيَّة الراسخة.

أجيال سردية

* كيف ترد على من يهمس أن المؤتمر همَّش كثيرًا من أدباء منطقة عسير، وأن الاختيار تمَّ بإيعاز من اللجنة العلميَّة، واكتفيتم بشهادات الدكتور حسن النعمي والروائي إبراهيم شحبي؟

- تعدَّدت الدراسات الأدبيَّة والنقديَّة التي قدَّمها المشاركون لتشمل قرابة عشرين كاتبًا من كتَّاب السرد في منطقة عسير، من أجيال سرديَّة مختلفة، وأسرد هنا أسماء بعض أبناء المنطقة من كتَّاب السرد (قصة، رواية، رسائل، أدب رحلات) الذين تناولت نتاجَهم الدراسات والبحوث، التي قُدّمت ضمن أعمال المؤتمر، وهم: حسن محمد النعمي - ظافر الجبيري - عائشة الحشر - حسن أحمد النعمي - إبراهيم مضواح - أحمد أبو دهمان - محمد علي علوان - عبدالله ثابت - عبير العلي - معدي آل مذهب - تغريد العلكمي - كفى عسيري - إيمان العسيري - عبدالوهاب آل مرعي - إبراهيم شحبي - تركي العسيري - محمد أنور - أحمد الحميد، بالإضافة إلى شهادات المبدعين الروَّاد: زاهر عواض الألمعي، حسن محمد النعمي، تركي العسيري، عبدالله هادي السلمي، إبراهيم شحبي. ولكن يبدو أن بعض أولئك الهامسين لم يتنبَّه إلى ما اشتملت عليه تلك البحوث، أو ربما اكتفى بالنظرة العجلى إلى بعض عناوين البحوث، كما أن بعض البحوث أُلقِيت أجزاء منها فقط -حسب ما سمح به الوقت المتاح لكل ورقة- بينما يشتمل البحث على تفصيلات أخرى كثيرة ونماذج عديدة لكتَّاب من أجيال مختلفة، ولم تحدد اللجنة العلميَّة كتَّابًا بعينهم للكتابة عنهم، بل تركت الحرية للباحث، وقبلت كل البحوث العلميَّة التي قُدِّمت طالما تحققت فيها ثلاثة شروط: المنهجيَّة العلميَّة، وأن يكون المتن المدروس لأحد كتَّاب السرد في عسير، وأن يكون البحث متمحورًا حول العنوان العام للمؤتمر (الهويَّة والأدب - السرد في منطقة عسير).

المؤتمر والإعلام

* هل ترى أن الإعلام عمومًا خدم المؤتمر، وبوجهٍ خاصٍّ إعلام منطقة عسير؟ ولماذا ختمت ورقتك البحثيَّة بتضمين أنك قصدت زاهي الجبالي، وليس عبدالله ثابت، والتي ربما فُهمت أنَّها سخريةٌ لصحفيين؟

- لا شك أن الإعلام يفترض أن يقوم بواجبه تجاه هذه المحافل الأدبيَّة والثقافيَّة، وقد قدم الإعلام عمومًا والعسيري منه خصوصًا خدمات لا تُنكر للمؤتمر، ولكننا كنا نتطلَّع إلى ما هو أفضل. وأمَّا ختمي لورقتي بهذا الاحتراز فليس سخريةً بالصحفيين على الإطلاق، وقد وجهت هذا الاحتراز إلى الأدباء والمثقفين والصحفيين أيضًا؛ لأن لدينا إشكالاً في وسطنا الثقافي والإعلامي منه على وجه الخصوص، وهو الخلط بين شخصيَّات الرواية وكاتبها، وبخاصة حين يكون هناك تشابه بين الشخصية الروائيَّة والمؤلف؛ فترى بعض المثقفين والإعلاميين يجزم بأن فؤاد (شقة الحرية) هو غازي القصيبي، وأن (هشام) ثلاثيَّة الأزقة المهجورة هو تركي الحمد، وهكذا؛ فخشيت أن يتوهم السامع أني أتحدَّث عن المؤلف، مع أن حديثي كان عن الشخصيَّة الروائيَّة (زاهي الجبالي) التي قد تتقاطع مع الواقع، لكن لا شك أنَّ فيها قدرًا كبيرًا من الخيال.

صفحات المثقفين

* ما رأيك في ما يُنشر على صفحات المثقفين والمثقفات؟ وهل تُعدُّ ثقافة يعتمد عليها؟ وهل ترى بها تصفية حسابات شخصيَّة، أو شتائم، أو أفكارًا سطحيَّة؟

- يختلف ذلك حسب الوعاء الذي يُنشر فيه، وبعض المثقفين لا يحترم قرَّاءه، فيجنح إلى هذه السطحيَّة والإسفاف، وممَّا يسهم في ذلك سهولة النشر، وأنَّه يكون بشكل مباشر فوري؛ حيث لا يتريث المثقف قبل النشر، وقد يكتب في ساعة غضب أو احتقان.

الرواية والشعر

* هل سحبت الرواية البساط من الشعر، وأصبحت ديوان العرب؟

- لا يمكن للرواية أن تقصي الشعر، كما لا يمكن للشعر أن يقصي الرواية؛ فلكل جنس أدبي عالمه وروَّاده وكتَّابه وجمهوره، وله سياقاته التي يصلح فيها؛ فالمنبر مثلاً للشعر أكثر من الرواية؛ لأنَّه فن شفاهي، والكتاب للرواية أكثر من الشعر؛ لأنَّها فن كتابي، ولكل جنس منهما موضوعاته وميادينه وجمالياته.

شللية النقد

* يشتكي الشباب المبدعون من شلليَّة النقد الأدبي، وهل واكبت منتجهم الإبداعي؟

- الشلليَّة ظاهرة مزعجة في الوسط الثقافي والنقدي، ومن المهم أن يرتقي النقَّاد بنقدهم وقراءاتهم الأدبيَّة، وأن تكون الجودة الفنيَّة هي المعيار الذي يجعلهم ينصرفون إلى النص الأدبي، كما أنه يفترض أن يلتفت إلى إبداع الشباب وأن يقوَّم ويقرأ، ونحن في نادي أبها الأدبي تبنَّينا مشروع «قراءة في نتاج أدباء منطقة عسير» على مدى خمس سنوات، قُدِّمت خلالها عددٌ من القراءات النقديَّة لنتاج كتَّاب شباب وشابات من أدباء منطقة عسير؛ خدمةً لنتاجهم، وتقويمًا لأعمالهم، وتقديمًا لهم للمشهد الأدبي والثقافي.

«موت صغير»

* كيف تقرأ فوز رواية «موت صغير» لحسن علوان بجائزة البوكر؟

- اقرأ في ذلك أن الرواية السعوديَّة بدأت تنضج، وتنافس الرواية العربيَّة، وأن الكاتب السعودي، وبخاصَّةٍ في منطقة عسير (وعلوان من أبناء هذه المنطقة) كاتب مؤهَّل بعمق تجربته، ونضج أدواته الفنيَّة، وأن ذلك يلقي مسؤوليَّة على النقاد ليطوِّروا من أدواتهم النقديَّة بما يتناسب مع هذا الحضور الجديد للرواية السعوديَّة.

إيديولوجيا خطرة

* ما الذي بينك وبين الكاتب علي الموسى؟ ولماذا وصف قراءتك لرواية «الإرهابي 20» في المؤتمر بأنها مؤدلجة؟

- بيني وبينه الزمالة في الجامعة، وأننا ننتمي إلى منطقة واحدة كريمة ضمن مناطق وطننا الغالي، كلانا يحب هذا الوطن وينتمي إليه، نتفق في كثير من الرؤى ولا شك، ونختلف -ولا شك- في رؤى أخرى، وأمَّا وصفه لقراءتي بالمؤدلجة فأمر أستغربه كثيرًا من الدكتور علي، وهو الأكاديمي الذي يفترض أن يكون موضوعيًّا، وقد وجهت إليه سؤالاً حول «الإرهابي 20» هل هي مؤدلجة؟ فلم يجب! ويبدو أنَّه يخلط بين الأدلجة ونقد الأدلجة، وأنا أؤمن أن الذي قدَّمتْه ورقتي وقراءتي هو تفكيك للخطاب الأيدلوجي، الذي أُترِعت به رواية «الإرهابي 20» ونقد له؛ فما ورد في الرواية من تلبيس على الهويَّة المجتمعيَّة، ومحاولة لتعميم فكرة مفادها أن هذا المجتمع متطرِّف في جملته وفي مؤسَّساته وأن بنيته النفسيَّة والفكريَّة مستعدة للتطرُّف، ترويج لأيديولوجيا خطرة تشوِّه صورة هذا المجتمع أمام الآخرين وتستعدي عليه المتربِّصين به مع حجم المغالطة الكبير في هذا التلبيس؛ فكان لا بد من تفكيك هذا التلبيس، ودحض تلك الخطابات الأيديولوجيَّة، التي أعمتها الخصومة الفكريَّة مع المختلفين معها ودفعتها إلى تشويه صورة مجتمع بأكمله من خلال ممارسة الإسقاط التاريخي، وتعميم أخطاء بعض أفراده على مجتمع بأكمله! وقد قدمت في المؤتمر جزءًا فقط من هذه الورقة لضيق الوقت، ولكن سُيطبع البحث كاملاً -بإذن الله- ليطَّلع عليه النقاد والمختصون، وليطَّلع عليه كل وطني غيور على مجتمعه، يأبى أن يحاسب هذا المجتمع على جرائم ارتكبها بعض المتطرِّفين المجرمين الذين لا يخلو منهم أي مجتمع على وجه الأرض! وكما قلت في ردِّي أثناء المؤتمر على كلام الدكتور علي: هذه وجهة نظر باحث، فليقبل تعدُّد وجهات النظر، وتعدُّد القراءات؛ فالنص الأدبي منفتح على قراءات متعدِّدة، ولا يليق بنا -نحن الأكاديميين والمثقفين- أن نلقي التُّهم جزافًا دون قراءة واعية ومنهجيَّة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store