Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أنس زاهد

في الرد على حسن فرحان المالكي (1-2)

A A
قرأت مقال الباحث الأستاذ حسن فرحان المالكي والذي نسب فيه كل شرور الأرض للعرب، مدعياً أن داعش الإرهابية ما هي إلا امتداد لتاريخ عربي أكثر إرهاباً!

قرأت المقال وتعجبت..! لأن الأستاذ المالكي يقول إنه صاحب منهج.. وعليه فإنه لا يجوز لمن كان مثله، أن يقع في خطيئة التعميم القائم على الإطلاقيات واليقينيات والأفكار المسبقة.. أي مع كل ما يتناقض مع المنهج العلمي!

يقول الأستاذ المالكي في مقاله: «اعطوني أمة أخبر الله مسبقاً -وهو علام الغيوب- أن أكثرها لن يؤمن غير العرب؟ (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)! الله لا يتوقع إنما يخبر!»!

صدقني إنني لا أفهم.. كيف يجهل مثلك، بأن القرآن لم يخص الأكثرية العربية وحدها بالذم من دون أمم الأرض..؟! إذا كان هذا هو ما ترمي إليه، فقل لي: ماذا أفعل بالآيات التي وردت في عشرين موقعاً، والتي عممت الذم على أكثرية الناس..؟! ألم تقرأ عبارة (أكثر الناس)، وألم ترَ أنها شملت كل الناس، واصفة إياهم بعدم الشكر وبعدم الإيمان والعلم..؟!

اقرأ هنا هذا التعميم الذي يطلقه: «كل ضلال أصاب الأقوام الأخرى فهو بسبب العرب لأنهم قلدوهم وآمنوا مثل (إيمانهم العظيم) يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ويوظفون الدين لكبريائهم»..! هكذا إذن..! (كل ضلال)..!

لقد أصررت في إحدى فقرات مقالك بأنك لا تعمم وأن العرب - ولأنهم متكبرون حسب زعمك - سيفسرون مقالك باعتباره يتحدث عن الجميع وليس عن الأكثرية.. حسناً.. سأصدقك.. ولكن على شرط أن تفسر لي مفردة (كل) التي استهللت بها فقرتك تلك، وفقرات أخرى وردت في نفس المقال!

لقد تحدثتَ عن الآيات التي تذم العرب، لكن لماذا تجاهلتَ الآيات التي وردت في ذم بني إسرائيل وفي ذم الأمم الأخرى..؟! ثمود وعاد والفراعنة وقوم لوط وقوم شعيب..؟! ألم تقرأ قوله تعالى: (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون)..؟ ألا تكفي هذه..؟ حسناً.. سأورد لك المزيد: (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد) البقرة..؟!

هل فاتك أن أتباع محمد، وجلهم من العرب، عاشوا على الكفاف وتخلى المهاجرون منهم عن ممتلكاتهم في مكة، وقاسم الأنصار المهاجرين وطنهم ورزقهم وبيوتهم، في حين أن بني إسرائيل لم يعجبهم طعام السماء؟!

هل أزيدك؟! حسناً.. ما رأيك في هذه الآية: (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) البقرة..؟! هذه يا أستاذ حسن بالذات لم يقلْها العرب يوماً لنبيهم صلى الله عليه وآله.

ألم تقرأ مقالة المقداد بن الأسود رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر؟:

(يا رسول الله، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون.. بل نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون).

أنا أتفق معك في ضرورة إخضاع التاريخ الإسلامي للمنهج العلمي.. كما أنني لا أنكر أي مثال من الأمثلة السلبية المخجلة والتي ضربتها في مقالك عن انحراف المسلمين عن الإسلام.. ولكن دعني أسألك: هل نحن الأمة الوحيدة التي انحرفت وبدلت وارتدت على أعقابها..؟. (للحديث تتمة..)

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store