Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالمنعم مصطفى

مطلوب وقفة حزم من قمة العزم

A A
سؤال الهوية، هو أخطر أسئلة السياسة، وأكثرها أهمية على الإطلاق، فإجابة كل دولة عن هذا السؤال، هي ما يتقرر على ضوئها، التوجه العام لتلك الدولة، وأهدافها الاستراتيجية، والخطوات، أو المراحل التي يمكن أن تقطعها لتحقيق تلك الأهداف، والأدوات اللازمة لقطع تلك الخطوات باتجاه تحقيق الهدف الاستراتيجي الكبير.

الإجابة عن سؤال الهوية، تتحقق بالإجابة عن ثلاثة أسئلة رئيسة، السؤال الأول هو: من أنا؟.. أي كيف أرى ذاتي.

والسؤال الثاني هو: كيف أرى الآخر؟ أما السؤال الثالث فهو: كيف يراني الآخر؟

هذه الأبعاد الثلاثة هي مكونات سؤال الهوية لأي دولة، وهي أيضًا مفتاح لا يمكن بدونه فهم دوافع سلوك دولة ما، أو تحليل الخلفيات الثقافية المؤثرة في سياستها.

تصريحات أمير قطر تميم بن حمد، تقطع بأن إجابته عن سؤال الهوية، جاءت مفخخة بكم هائل من الخطايا، التي تقود صاحبها حتمًا، إلى رؤية متورمة للذات، مثل تلك الصور، التي يراها زوار غرف المرايا بدور الملاهي.

مشكلة قطر الحقيقية، أنها صغيرة جدًا، أما مشكلتها الثانية فهي شعورها المفرط بعدم الأمان نتيجة إحساس مرضي كامن بالضآلة، قادها إلى البحث عن مساحات نفوذ افتراضية في فضاءات الإعلام، جسدتها قناة الجزيرة، التي نجحت في معالجة مشكلات قطر مع الذات، بعدما بات الحكم في الدوحة يعتقد أن حدود انتشار قناة الجزيرة، هي ذاتها حدود تأثير إمارة قطر في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي والدولي.. لكن حدود فضاء البث الافتراضي، لا يمكن أن تكون وحدها عامل تأثير أو آلية سيطرة، على عكس ما يظن أمير قطر.

فضاء التأثير القطري عبر قناة الجزيرة أسهم في نفخ الفقاعة القطرية، فراح حكام قطر، يواصلون الدس والتحريض والتآمر، ضد أشقائهم في الخليج، وفي محيطهم العربي كله.

حديث أمير قطر عن إيران الجارة الكبرى، هو أيضًا إحدى نتائج الشعور المفرط بالضآلة، الذي يقود بدوره إلى شعور مفرط بانعدام الأمان، قاده إلى البحث عن حليف إقليمي، مناوئ يستعين به على أشقائه بمجلس التعاون إذا استلزم الأمر.

الأناة، والحلم والنفس الطويل لدى قادة دول التعاون الخليجي وبعض القادة العرب، إزاء سلوكيات قطر، ربما فسَّرها أميرها كمؤشرات عجز، أو قلة حيلة، ما أغراه بالخوض في المزيد من الإساءة إلى دول خليجية وعربية كبرى.

تكرار الخطايا القطرية الجسيمة بحق دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية كبرى، لا يدع فرصة إضافية للتسامح وفق منطق «عفا الله عما سلف»، فما جرى ويجري من جانب الحكم في قطر، يوشك حال السكوت عليه، أن يقوض أسس الأمن الإقليمي.

استعادة قطر إلى الحاضنة الخليجية/‏ العربية، ينبغي أن يسبقها من جانب الدوحة، إجراءات لا مجرد اعتذارات أو تعهدات شفاهية.

على الدوحة أن تنهي علاقاتها بكل جماعات التطرّف وقوى الإرهاب، وعليها أن تسلم مطلوبين لديها ارتكبوا جرائم بحق أوطانهم، وعليها أن تعلن حظرا كاملا لجماعة الإخوان المسلمين، التي تتخذ من الدوحة ملاذًا آمنًا لعناصرها، ومن قنوات الجزيرة والشرق والعربي منابر لترويج أفكارها والتحريض ضد دول عربية وخليجية، وعليها أيضًا أن تكف عن كل أشكال التمويل المباشر وغير المباشر لجماعات إرهابية يمتد مسرح عملياتها من مالي في الغرب وحتى باكستان في الشرق.

تصريحات أمير قطر التي نقلتها وكالة الأنباء القطرية الرسمية، والتليفزيون الحكومي، بعد يومين فقط من قمة العزم في الرياض، تُجسِّد انقلابًا كاملًا على نتائج القمة، وعلى بيانها الختامي، الذي وقّعه أمير قطر، وتفضح استخفاف الحكم في قطر بنتائج القمة، وبمدى العزم والحزم لدى مَن وقَّعوا على بيانها الختامي.

مطلوب وقفة حزم من قمة العزم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store