Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

أثر المعلومة في نمو الاقتصاد السعودي

A A
أولاً، لابدَّ لنا من الإشادة بحجم ومستوى الشفافية التي صاحبت إعلان الموازنة، واستمرار النهج في الإعلانات ربع السنويَّة، من زاوية القطاعات المختلفة وتفصيلها، ومصادر الإيراد، ودرجة النمو فيها والعجز، وطريقة تمويله ومصادره. هذا الوضع يعكس توجُّهات الاقتصاد السعوديِّ ونوعيَّةِ وحجم الإنفاقِ فيه، بما يخدم قدرة الاقتصاد على بناء توقُّعاته بصورةٍ واضحةٍ، وهو أمرٌ ووضعٌ إيجابيٌّ، لم يكن متوفرًا في الماضي بهذا البُعد، علاوةً على أنَّه تمَّ تفصيله في فتراتٍ ربعيَّةٍ -وليس انتظارًا لانقضاء عام كامل- حتَّى نعرفَ ونُدركَ ونُخطِّطَ. ولعلَّ المعلومة المهمَّة -والتي عكست تحسُّن ونموَّ الاقتصادِ السعوديِّ، وتباطؤَ حجمِ الدَّينِ وتوزيعه بين داخليٍّ وخارجيٍّ- تعكس الخطوات الإيجابيَّة التي اتَّخذت من طرف الدولة في تحسين هيكلة الاقتصاد الوطنيِّ، ولكن -لاشكَّ- أنَّ الكمال لله وحده، ويتبقَّى أمامنا أبعاد حول استشراف المستقبل والتخطيط له، وهو خطوةٌ مهمَّةٌ تجعلُ عمليَّةَ الانحراف وخاصَّةً في المصروف أقلَّ ما يمكن حدوثه.

قبل فترة اُتُّخذت قراراتٌ عدَّة، ولم نكن نعرف درجة أو حجم تأثيرها على إيرادات الدولة ومصاريفها، بالرغم من وجود مؤسَّسات ووزارات تمتلكُ معلوماتٍ ومصادرَ يُفترض أنَّها تدعم وتُسهِّل اتِّخاذ القرار الصحيح، مع نسبة أخطاء متدنيِّة. ولكن ما أثبتته الأيام الماضية كان مفاجأةً لم نعرف مداها أو تأثيرها. فعلى الرغم من أن مُتَّخِذ القرار كان على درجة عالية من الذكاء، من خلال تدرُّج قراره فيما يمسُّ الاقتصاد وقدرات المواطن الماليَّة، إلاَّ أنَّ الجهات الرسميَّة والمنوط بها معرفة الأثر وقياسه، كان معدل الخطأ لديها مرتفعًا، بحيث لم تدع ترشيد القرار، ومعرفة حجم تأثيره وانعكاساته على القدرات الماليَّة لها.

وبالنسبة لجانب الإيرادات، لا شكَّ أنَّ جزءَ المفاجأة اعتمد على دخل النفط، وهو واقع يبلغ حجم الضعف في التنبؤ فيه درجة مرتفعة، حيث إنَّ جزءًا كبيرًا منه يعتمد على أسعار النفط، والذي كان بحق مفاجأةً إيجابيَّةً للاقتصاد السعودي. أسهمت بصورةٍ مباشرةٍ في تحسُّن النظرة للمؤسَّسات العالميَّة للتصنيف وغيرها. لا شكَّ أنَّ الأخبارَ السارَّة تركَّزت حول العجز، وأسلوب تمويله، ودرجة السحب من الاحتياطي.

وأخيرًا، نتمنَّى لو يتمّ مع صدور الموازنة أيضًا صدور تقارير عن الاقتصاد السعوديِّ من وزارة الاقتصاد، لأنَّها بذلك تكمل الدائرة. ومؤسَّسة النقد قامت بدورها في استعراض بعض المؤشرات الهامَّة والتي تصبُّ في توجُّهات الاقتصادِ المحليِّ. ولابدَّ أن ندركَ أنَّ اقتصادًا بحجم الاقتصاد السعودي، يتعطَّش للمعلومة الكاملة؛ ليبني قراراته عليها ومن مختلف الجوانب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store