Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

رمضان المبارك: هو الضيف أم نحن الضيوف!!

ملح وسكر

A A
رمضان يشرفنا من جديد زائرا كريما مثقل بهدايا الخير ومِنَح السماء وبركات اللحظات والساعات.. هذا الضيف، وأما المضيفون فعلى درجات وأنواع ومشارب، كل له رؤيته، وكل له طريقته في استقبال الضيف، الذي حلّ لأيامٍ معدودات، وسيرحل بعد أيام معدودات.

ومن السطحية بمكان زعم أن المسلمين جميعا متناغمون مع هذا الحدث الجليل، وأنهم في مقدار الحفاوة بالضيف متساوون.. وتلكم من طبائع الإنسان، ومن تفاوت درجات تفكيرهم وقناعاتهم، وقبل ذلك كله، من مدى ممارستهم لخياراتهم الشخصية، التي بناء عليها يقررون درجات ارتباطهم بالله عز وجل، وهو الذي بفضله يهدي من يشاء إلى بحور من الخيرات والحسنات في شهرنا هذا، أو يكتب بعدلهِ لمن يشاء تبديد كل فرص الخيرات، وربما حاز منها قليلا.

ولو أزاح بعضنا جانب الدنيا قليلا، فإن معظمنا لن يستطيع، ذلك أن من سنة الله عز وجل أن يبتلي ويختبر، وأن يجعل من هذه الدنيا ميدان السباق إلى الآخرة، فلا فاصل بينهما إلاّ حياة البرزخ، لكنها فترة طويلة أولها البلوغ والرشد وآخرها على الصراط المستقيم تجاوزا أو هلاكا.

حياتنا اليوم مثقلة (بدرجات متفاوتة) بالمشكلات النفسية والصعوبات المادية والصراعات الفكرية والعلاقات المتأزمة والتعاملات غير المريحة أحيانًا، والتي يشوبها مقادير كبيرة من الجور والظلم والكذب وأكل أموال الناس بالباطل وقطيعة الأرحام والتطفيف في الكيل، كما تجمّلها في الوقت نفسه مواقف إنسانية جميلة، وتظللها نسمات من المودة والرحمة والبذل والعطاء والسعي في الخير والإصلاح بين الناس.

صور إنسانية متنوعة حد التناقض، منها القبيح، ومنها الجميل. ومنها الصادق بلا رتوش، والكاذب تحت الرتوش، والصفيق الذي لا يخجل أبدا.

سيرحل رمضان، وفي ذاكرته صنوف من الناس، وألوان من البشر، منهم الفائزون بامتياز، والمقتصدون بإرادتهم، والظالمون لأنفسهم، وأشدهم بؤسا الظالمون لغيرهم.

التساؤل الأخير: هل رمضان حقا هو الضيف؟ أم أن الضيوف نحن؟ نحن الذين سنرحل يوما ما، في حين يرحل رمضان ولا يغيب أبدا حتى قيام الساعة! هو يعود، ونحن تدريجيا نختفي عن المشهد!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store