Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سامي سعيد حبيب

رمضان والمسلسلات

A A
جوانب المتعة الروحية في رمضان كثيرة ومتعددة من أهمها بعد أداء الفرائض المكتوبة الصدقة وصلاة التراويح والترتيل الذاتي أو للمقرئين المتميزين ،فكثير من يختم المصحف الشريف في الشهر الفضيل عدة مرات.، فرمضان هو موسم التوفيق الإلهي للمسلم للترقي في مقامات الصلاح والتقوى وإعطائه فرصة جديدة ليصبح أكثر تأسياً واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا بد للمسلم من قبيل الشكر والامتنان أن يقابل كل هذا الخير والعون الرباني بقبول حسن وأن يرى الله من نفسه ما يحب تعالى ، والناس يتفاوتون في ذلك فثمة الفائزون في رمضان الذين شمروا عن سواعدهم ليجتهدوا قدر الإمكان في صيام الشهر كما كان يصومه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن كاملاً، فلرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري ، و ثمة مقصرون مفرطون منكبون على لهو الحديث قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( رغم أنف أمرئ أدرك رمضان ولم يغفر له ).

الصورة أصبحت أكثر تعقيداً عن تحديات جديدة وقاسية في دنيا الناس لا يكاد ينجو من متلازماتها أحد إلا من رحم ربي وقليل ما هم ، مما جعل الإحساس برمضان أقل نكهة إن جاز التعبير وأكثر تشتتاً مع أن الشهر المبارك هو هو الشهر فيه كل الخيرات والرحمات والبركات والنفحات الربانية التي من بينها تصفيد مردة الشياطين والجن ليتفرغ المؤمن للعبادة ، لكنّ صوارف وملهيات ومشتتات العصر أكثر من أن تحصى ،فوتيرة الحياة ذاتها أصبحت أكثر تسارعاً من أي وقت مضى تتقاذف الفتن فلا يستطيع أن ينجو منها أحد أو لا يكاد ، والملهيات الالكترونية بشكل خاص كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر شبكة الإنترنت التي يمكن أن يتسمر المسلم أمام شاشتها بالساعات الطوال دون الإحساس بقيمة الوقت الثمين ربما في تصفح ما هو مفيد وجيد لكنه بالمقابل سيقتطع من أوقات كانت يمكن أن تخصص للدعاء والتوبة والاستغفار وقراءة القرآن

ومما لا ريب فيه أن من أهم وأكبر بل لعله أشد منغصات رمضان في زمن الفتن ذلك الحشد الهائل من المسلسلات التلفزيونية ما بين كوميدية وتاريخية ودرامية ومسابقات ... والتي تصرف المؤسسات الفنية الشهور الطوال في إعداد مادتها الإعلامية في شهر القرآن وفي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر بشكل موسمي يتكرر طوال الدهر ، و لست أدري ما الرابط بين شهر رمضان المبارك والأعمال «الفنية» التي يغلب عليها الإسفاف والاستخفاف بعقل المتلقي والإساءة للصورة الحقيقية للمجتمعات العربية المسلمة ناهيك عن أنها في غالبيتها الساحقة لا تكاد تخلو من المناظر المحرمة شرعاً التي تخدش الحياء ومن الطروحات المخالفة للوحي المنزل ،تبثها ما يزيد عن 700 فضائية عربية.

إن خير ما يمكن أن يتعامل به المسلم المحب لله ربه و لرسوله صلى الله عليه وسلم مع هذه المسلسلات هو الإعراض عنها ومقاطعتها قلبياً وعملياً وتهميشها في حياته الرمضانية ، والإقبال ضمن برنامج تعبدي مخطط له على موائد القرآن والحرص على الصلوات الخمس جماعة في المساجد وصلاة التراويح والإكثار من الذكر والإستغفار ، و لو قاطع الناس المسلسلات «الرمضانية» لما وجدت رواجاً. فنتعبد الله بالإقبال عليه والإعراض عن لهو الحديث ، و كل عام وأنتم بخير.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store