Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

النفط والإستراتيجية الصناعية

A A
يعتبر ولايزال النفط عمودا فقريا في الاقتصاد السعودي، وتركَّزت استخداماته على الطاقة وتوليدها، وعلى النقل ودعم الحركة، بالرغم من توفر قطاع عريض من الصناعات التي تعتمد على النفط فيها والاستفادة منه، ولكن يبدو أن الطاقة والنقل هما المؤثر والمحرك الأساسي لتسعير وبيع النفط، واستندت بالتالي على عملية تصنيعه وتوزيعه، ولكن نعرف أن هناك اتجاها مستقبليا نحو إلغاء الاعتماد على النفط في النقل والطاقة، وهذا الاتجاه يعتبر حيويا وينمو بشكل كبير وسريع عالميا، والسؤال: هل استخدامات النفط كمدخل في الإنتاج والتصنيع يعتمد ويرتكز على هذا الاتجاه؟.. والإجابة: الاستخدام في هذا الاتجاه يستنفذ حجما كبيرا، وخلق طلب حيوي له، مما ركَّزت الصناعة النفطية عليه.. ولنعد بالتاريخ أربعين سنة للخلف، فلم تكن هناك صناعات بتروكيماوية أو أسمدة في حينها، وكان مصير الغاز الطبيعي والمصاحب «الحرق». واتجه العالم إلى استخدام الغاز في الطاقة والنقل، وأخيرا الأسمدة والبتروكيماويات، حتى أصبحت نسبة المحروق من الغاز صفرا في كل أنحاء العالم، والطلب على الغاز في تعاظم ونمو، لقيمته الاقتصادية من خلال التصنيع في قطاعي الأسمدة والبتروكيماويات.
هناك صناعات رديفة حاليا تستفيد من النفط في تطوير استخدامات مهمة تفوق قيمتها المُضافة إنتاج الطاقة والنقل، ولكن تنمو على استحياء. هل تستطيع أرامكو أن تقوم بدور مشابه لسابك، وما تم خلال أربعين عاما، من بناء صناعة ذات قيمة مضافة مرتفعة، بحيث نستفيد من الإمكانيات المتوفرة، ونُحقِّق نموا لاقتصادنا بصورة إيجابية؟.. أرامكو السعودية تمتلك أكبر مركز أبحاث حديث يتمثل في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، علاوة على إمكانيات صناعية عريضة في مجموعة من الشركات تمتلكها وتديرها داخل وخارج السعودية، علاوة على أنها تستطيع الجذب والدفع لتكوين قطاع عريض صناعي للشركات المتوسطة والصغيرة. المستقبل قد يحمل مفاجآت، ويُحجِّم من القدرة الاقتصادية للنفط، ولا نعلم سرعة أو تطور العالم، وتقليل اعتماده عليه في الطاقة والنقل، وأعتقد أن الوقت قد حان للتركيز على صناعات ذات مردود اقتصادي عال، وتطويرها لتكوين وتقديم منتجات صناعية يعتمد عليها العالم، لأن الوقت لازال في يدنا، فنحن بحاجة الآن للقيام بتلك الخطوة وليس مستقبلا. والقضية تحتاج إلى تدخُّل من المجلس الاقتصادي الأعلى، لأن هذ التوجُّه استراتيجي، وعلى مستوى اقتصادنا الكلي، واستمراريته مستقبلا مع أرامكو ومراكز الأبحاث في الجامعات ومدينة الملك عبدالعزيز هام في التركيز نحو هذا الاتجاه، وتقديم وتطوير منتجات تعتمد على النفط كمدخل رئيسي، كما تم من خلال سابك واحتاج عقود من الزمان لتطويره.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store