Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

العواد والحراك الثقافي

A A
يُحمد لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عوَّاد بن صالح العوَّاد هذا الحراك الملموس على المشهد الثقافي، وهو الحراك الذي أدى إلى تفاعل المثقفِين معه على اختلاف توجهاتهم بعد أن مرت الثقافة عبر مؤسساتها بحالة فتور جعلت الجميع في حالة من الدهشة للحال التي وصلت إليها، ولا أدل على ذلك من التمديد (المتكرر) لمجالس إدارات الأندية الأدبية، والتنازع على لائحتها، وحالة التضييق على الأصوات الثقافية الصادقة، وتكرار الوزارة دعواتها (للكبار فقط) وِفق ما صرح به المتحدث باسم الوزارة إبَّان معرض الرياض للكتاب، وغيرها من القضايا العالقة في المشهد الثقافي. لن أستبق الأحداث وأقول إن العواد أتى على كل شيء، أو أن المشهد الثقافي أصبح مشهدًا صحيًّا في ظرف أسابيع معدودة، غير أنني أقول إننا بدأنا نلمس بوادر انفراج وحلحلة لبعض القضايا العالقة، وهي القضايا التي صبغت المشهد الثقافي بشيء من البيات، وأدخلت في النفوس شيئًا من اليأس عن تحوِّل مأمول في مسار الثقافة على مختلف مستوياتها. التفات العواد للمشهد الثقافي جاء من خلال طرائق متعددة، كان من أوضحها لقاؤه بالمثقفِين في قاعة النادي الأدبي الثقافي بجدة وهو اللقاء الذي عزز ثقة المثقفين بوزارتهم، حينما جعل العواد الدعوةَ عامةً، واللقاءَ مفتوحًا بينه وبينهم وأمام مرأى ومسمع الإعلاميين وكاميراتهم، وصرح فيه بما يبعث الأمل في نفوس الأدباء والمثقفين بنقلة جديدة للثقافة، ثم تلا ذلك تشكيل لجنة -من عمق المشهد الأدبي- لدراسة وتعديل لائحة الأندية الأدبية خلال أسبوعين. بلا شك فالقضايا الثقافية التي تنتظر العواد كثيرة -فضلاً عن القضايا الإعلامية التي توازي القضايا الثقافية كمًّا وكيفًا- غير أنني سأجعل هذه المقاربة عن الأندية الأدبية التي أصبحت الشغل الشاغل للمثقفين، سواء في مسماها، أو في الانتساب لها، أو في نوعية فعالياتها. بالنسبة للمسمى فقد عُرفت الأندية الأدبية منذ نشأتها بأنها (أندية أدبية) ثم طال التغييرُ بعضَها بإضافة الثقافي للأدبي تقديمًا أو تأخيرًا، ثم جاءت اللائحة في نسختها الأخيرة لتقصر المسمى على الأدبي، ومع هذا لم تلتزم بعض الأندية بنص اللائحة. واليوم أصبحت اللجنة المشكَّلة مؤخرًا لدراسة اللائحة أمام أمرين: الأول- أن تعتبر النادي (أدبيًّا) وهذا يعني صرامة شروط العضوية بحيث تقتصر على الأدباء فقط وفق معايير واضحة يأتي في مقدمتها النتاج الأدبي المطبوع -مع أنه يوجد أدباء حقيقيون وليس لديهم نتاجات مطبوعة- والمشاركات عبر الأندية الأدبية ووسائل الإعلام، وغيرها من الاشتراطات. الأمر الأخير- أن يكون النادي (أدبيًّا ثقافيًّا) وهذا يعني أن اشتراطات العضوية ستكون فضفاضة وأكثر استيعابًا، ولن تكون مقتصرة على (الأدباء) فقط، وهذا يعني أيضًا أن مجلس إدارة النادي سيكون خليطًا من الأدباء والمثقفين بمستوياتهم المتباينة، وهذا يترتب عليه أن فعاليات وأنشطة النادي ستكون ما بين أدبيةٍ تهتم بفنون الأدب وقضاياه، وثقافيةٍ مفتوحةٍ تتعلق بمسائل بعيدة عن الأدب مثل الرضاعة الطبيعية وإنفلونزا الخنازير والعمالة المتخلفة وأساليب الطَّرْق على النحاس وأهمية المحميات الزراعية. الأمر المضحك لدى بعض المنتسبين للمشهد الثقافي هو تشديده على اقتصار عضوية الأندية على الأدباء الخُلَّص فقط، في الوقت نفسه لا يرى بأسًا في أن تكون فعاليات وأنشطة النادي ثقافيةً على شاكلة المسائل السالف ذكرها. دعاؤنا للجنة المشكلة بأن توفَّق في مهمتها وتُخرِج اللائحة بالصورة المأمولة، وأُولى خطوات الحلِّ حلُّ إشكالية ثنائية (الأدبي-الثقافي) لأن حلها هو المنطلق لبناء مواد اللائحة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store