Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

التيسير الكمي السعودي

A A
هل يستطيع أَي اقتصاد في العالم أن يستغني عن اللاعب الرئيسي فيه، وهو الدولة؟.. وبمعنى أوضح، هل يمكن الاستغناء عن الإنفاق الحكومي؟.. والإجابة: طبعًا لا، فلو نظرنا إلى كل اقتصاديات العالم بدءً من اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، مرورًا بالصين، وانتهاءً بأضعف اقتصاديات العالم، لوجدنا أن المُحرِّك الفعلي لأي اقتصاد هو الإنفاق الحكومي، ولن يُخرج أي اقتصاد من كساده أو كبوته سوى الإنفاق الحكومي. فأي اقتصادي -مهما كانت معلوماته- لا يمكن أن يعتبر أو ينظر إلى الدور الحكومي في الاقتصاد كدورٍ ثانوي، ويجعل الصدارة لأي قطاع آخر. نظرًا لأن الدولة بيدها مقاليد الحركة الاقتصادية، ودفع وتنشيط الحركة بسبب القدرات والإمكانيات الإنفاقية المتوفرة لديها. وما لا يفهمه البعض أن القضية نسبية، بمعنى أن زيادة حجم الدولة ومقدرتها المالية تزيد معها قدرات وإمكانيات القطاع الأهلي، ولكن لا تعني أبدًا أن يحتل القطاع الأهلي دورًا رئيسًا مُقدَّمًا على دور الدولة.

المتوقع أن تقود الدولة في الفترة المقبلة تحفيز القطاع الأهلي وتوفير الفرص له ومساندته في التنافس العالمي، حيث يبدأ دور الدولة من التحفيز الكمي وزيادة الإنفاق الحكومي، حتى من خلال الاستثمار المباشر، لرفع قدرة الاقتصاد المحلي وتنميته. ويجب أن ندرك أن زيادة الضغط في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الضاغطة لن يُسهم في دعم وتنمية الاقتصاد المحلي، بل سيؤدي إلى نتائج عكسية، علاوة على أن هناك علاقة طردية بين تعافي ونمو القطاع الأهلي والإنفاق والتيسير الكمي الحكومي. لذلك يجب أن نتفهم أهمية الإنفاق الحكومي، حيث كان من المتوقع مع تطبيق الأنظمة والإصلاحات الاقتصادية المرغوبة لتعديل كفة الاقتصاد من زاوية خفض الإعانات وفرض الرسوم، أن يتم تحفيز الاقتصاد مِن خلال الإنفاق المتوسع الحكومي، ومن خلال برامج داعمة للتنمية الاقتصادية حتى تُحقِّق الدولة أهدافها. فوقود أَي توجُّه لتنمية الاقتصاد وتجنُّب الركود، عادةً ما يكون الإنفاق والتحفيز للاقتصاد المحلي، ودخول الدولة ببرامج تدعم الاستثمار وتوسّع التوظيف فيها، والتراجع وتخفيض البرامج مع تطبيق الإصلاح الاقتصادي عادةً ما يكون له تأثير سلبي.

سمعنا من بداية العام عن توجُّهات إيجابية تُحفِّز وتدعم تنمية الاقتصاد، أوّلها من وزارة الإسكان، ومن الاستثمار، لتصب في صالح الاقتصاد المحلي، وتفتح المجال أمام قطاعات هامة وحيوية، ولكن لا تزال الخطوات تحتاج إلى مزيدٍ من الجهد، فهل نرى دعمًا من المجلس الاقتصادي لبدء طفرة جديدة لاقتصادنا، ترفع من معنويات القطاع الأهلي، وتُحفِّز دخول وعودة الاستثمارات المحلية مرة أخرى؟.. الأيام القادمة ستحمل إعطاء بارقة أمل جديدة لاقتصادنا السعودي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store