Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي أبو القرون الزهراني

الظل .. والانكسار

A A
..أدى «صاحبي « مناسك العمرة. كان يتأمل كثيراً ما يدور حوله وأمامه . والتقط لنا العديد من المشاهد والنقائض ..!!

(1)

.. المشهدالأول ..

يقول صاحبي : مررت بباب الملك عبدالعزيز،فوجدت أسرة آسيوية من خمسة أفراد واقفة بالباب وهي تتأمل الكعبة المشرفة ، في حالة خشوع وبكاء ودعاء وتذكرت كم مررت بكثيرين في أطراف الساحات يقهقهون .؟

وكم من بشر يمرُّون من هاهنا بعادية .؟

القضية ليست في المسافات والأمكنة ،ولكن في زاوية الرؤية

ما بين القلوب الغلف والقلوب الناسكة...!!

(2)

.. المشهد الثاني ..

ويقول صاحبي : بينما أنا أطوف سمعت صوتاً من خلفي يجهش بالبكاء .التفتُّ فإذا بحسناء بللت محاجرها دموعها وهي تدعو .إنه وجه يشبه ذلك الذي رأيته هذا المساء في أحد مسلسلات

بعد المغرب . لكنه لا يماثله ولايتمثله

فشتان ما بين .. وبين ..!!

(3)

.. المشهد الثالث ..

ورأيت مجموعة تقاطرت في الطواف ،بيد كل واحد منهم جوال يصوِّر به لقطات من الطواف وهم يتهامزون ويتلامزون ..! وتابعتهم أكثر من شوط لم أسمع منهم كلمة دعاء غير ثرثراتهم وكأنهم في نزهة. وهمست في نفسي : ليت هؤلاء يدركون أن العمرة نسكٌ وليست مجرد إحرام ..!!

(4)

.. المشهد الرابع ..

في المسعى التفتُّ فوجدت امرأة ومعها أولادها الثلاثة أعمارهم مابين السادسة والعاشرة ،تحضنهم بين يديها وتسير بهم وتدعو : ( ياحي يا قيوم ..ياذا الجلال والأكرام )

وهم يرددون وراءها بأصوات نشوى .!

صحتُ في داخلي :

يا أماه .. ما أروعك وأنت تضمين بين جناحيك نور السماء وفلذات الأكباد . ثم صحتُ أخرى وأنا أتذكر تلك الأم التي تمشي في الأسواق

وأولادها يمشون في مجاهيل الظلام ..!!

(5)

.. المشهد الخامس ..

أما المشهد الذي كاد أن يمزقني ،فهو ذلك المسن جداً الذي يسعى وهو يعرج ،ومحدودب الظهر بالكاد ينقل قدميه ويتلمس جدران المسعى

وحين عرضتُ المساعدة رفض وهو يتمتم .

وأشفقت علينا نحن الأصحاء الذين تفوتنا هذه المواسم ولانتأسف عليها أوعلى أعمارنا ..!!

(6)

.. المشهد السادس .. ويختم صاحبي :

طول الطريق بعد العمرة وأنا أتأمل البشر والزحام إنسان النسك هو إنسان الحياة والسكك . بكل تصرفاته ونقائضه . صراع واضح ما بين الروح والسلوك . خشوع مخبت في المحراب ومارد على قارعة الطريق ..

لم يغير المحراب ولا الإحرام من سلوكه شيئاً .

ولوتصالح الإنسان مع نفسه ( روحاً وسلوكا) .. لاستقامت الحياة ..!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store