Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

أزمة قطر اختبار جديد لدول الخليج!

A A
منذ زمن طويل وقطر تلعب لعبة الكبار في السياسة الدولية ولم تُعر أي اهتمام لالتزاماتها كعضو مؤسس في مجلس التعاون الخليجي. وقد ساعدها الثراء المادي على محاولة التعبير عن قوتها الاقتصادية بالتفكير في انتشار خارجي يضع لها مكاناً على خارطة العالم بين القوى النافذة ،وقد فاتها أن المال بمفرده لا يكفي لتحقيق مثل ذلك الطموح لأن الجغرافيا وعدد السكان والموقع الإستراتيجي عوامل أخرى لها دور في الحد من طموحات الدول، ولو حاولت وضع تلك الطموحات في إطار إستراتيجية مجلس التعاون لكان أجدى لها وللمجلس ولكنها آثرت الانفراد والقفز فوق مصالح شركائها في البيت الخليجي وفي معظم الحالات تحدياً للمصالح الكبرى لدول المجلس المتمثلة في ضرورة العمل الجماعي والسير في سبيل تحقيق اتحاد متكامل يضمن مصالح الجميع ويحقق تطلعات شعوب المنطقة.

غزو صدام للكويت كان يهدف لتفكيك المجلس وكان أيضاً أكبر تحدٍّ واجهه المجلس واستدعى الأمر الاستعانة بتحالف خارجي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي رأت أن في ذلك خطراً جسيماً على مصالحها في المنطقة ،وكان قرار المملكة صائباً وحاسماً وشجاعاً عندما قادت دول المجلس للاصطفاف بجانب الكويت وتحريرها من عدوان صدام.

في هذه المرة يأتي التحدي من داخل المجلس حيث أصبحت قطر هي الخطر الأكبر على استمرارية المجلس وعلى فتح مجال لاختراقات تفتِّت وحدة دول مجلس التعاون وتضربها في الصميم لو تم ذلك.

ظاهرة الإرهاب ألقت بظلالها ومغرياتها على العمل السياسي والديني في المنطقة وجعلت أنظار العالم تتجه إليها بعين الريبة وأصبحت إيران وإسرائيل تلعبان على التناقضات وتقومان باختراقات أمنية تهدف لتحقيق طموحاتهما للهيمنة على العالم العربي ليس فقط في دول مجلس التعاون بل كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج.

في الأزمة الحالية ،أمريكا قريبة وبعيدة في نفس الوقت من الأزمة لأنها ترى أن مصالحها لم تعد بتلك الأهمية التي كانت عليها في التسعينيات من القرن الماضي ولأن ادارة أوباما عدلت في إستراتيجيتها في المنطقة بعد الانسحاب من العراق وإبرام الاتفاق النووي مع إيران.

سياسة الرئيس ترمب وزيارته الأخيرة للمملكة والمؤتمرات التي تمت بحضوره أعادت اهتمام أمريكا بالمنطقة وهي تعلم ما يدور في قطر منذ زمن لأن لها أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة وأجهزة استخباراتها ترصد كل صغيرة وكبيرة في المنطقة.

الحصار الأخيرعلى قطر تم بعلمها لأنه يؤثر على وجود قواتها في قطر ومن غير المتوقع أنها ستترك الوضع يتدهور الى حد أبعد مما حصل لذلك ظهر وزير الخارجية تيلرسن وتلاه الرئيس ترمب بتصريحات تؤكد دور قطر في دعم الإرهاب وتحض الجميع على التخفيف من حدة التوتر. ومطالب المقاطعة وحصار قطر بسيطة جداً تتمثل في اعتراف قطر وتعهدها بالتخلي عن كل الممارسات التي تضر بمصالح جيرانها وحلفائها في دول مجلس التعاون والكف عن فتح أبواب التدخلات الخارجية من قبل ايران وغيرها في شؤون الدول العربية ،وهذه مطالب كان يجب أن تفهمها قطر قبل وبدون أن تقع في فخ الأزمة والتصعيد الذي تسببت فيه.

مستقبل مجلس التعاون يعتمد على تجاوز الأزمة الحالية وتنظيم العمل المستقبلي للمجلس بشكل محكم لا يسمح بتكرار ما حصل.

حفظ الله أمن أرض الحرمين الشريفين ووفق القائمين عليه لما يحبه ويرضاه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store