Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عادل خميس الزهراني

أزمة الثقة بين الإعلام والمجتمع..!!

A A
هل تشعرون أن هناك أزمة ثقة بين المجتمع السعودي والإعلام الذي يُمثِّله، أم أنها مجرد هواجس تداهمني بفعل الصوم والسهر؟!

أُصدقكم القول: إن هذا السؤال يتكرر في ذهني كلما مر حدث أثار جدلًا، أو ثارت قضية يتناولها الإعلام بالمتابعة والتحليل، وقد عاودني السؤال مؤخرًا بعد ردة الفعل حول مقالي الأخير الذي تطرَّقت فيه لبرنامج «صحوة» المثير للجدل، بقضاياه وضيفه الدائم، ومقدِّمه؛ ورغم أني لم أكل المديح المجاني للبرنامج ولفريق الإعداد، ورغم محاولتي أن أكون حياديًّا في حديثي عن إيجابيات وسلبيات العمل، إلا أن كثيرًا من ردود الفعل التي لاقيتها في وسائل التواصل كانت تهاجمني، وتهاجم العرفج وعدنان إبراهيم. وهناك من اتهمنا بالتطبيل لبعضنا البعض، وذهب بعضهم أننا جوقة الإعلام الذي نسيطر عليه ونديره لمصالحنا دون أي اعتبار لرأي الناس ولا لحاجات المجتمع.

هنا تساءلتُ من جديد: هل يعود هذا الهجوم أو الموقف السلبي من مقالي المحايد (في رأيي) إلى أن الثقة بين الجمهور والإعلام مهزوزة؟! لابد أن أعود هنا إلى مجموعة من الأحداث التي ظهر فيها التباين بين موقف الإعلام السعودي والمجتمع. ولا أظن أحدًا ينكر أن موقف الإعلام السعودي -بتنوُّع أشكاله- لم يكن أحيانًا يتفق والرأي العام لأبناء المجتمع، كما أني لا يمكن أن أنسى حقبة ليست بالقصيرة، سيطر فيها خطاب معين كان يُردِّد مسلِّمًا، ولا يزال يفعل في بعض الظروف، أن الإعلام مُسيطَرٌ عليه من قبل مجموعة معينة لا تراعي قيم المجتمع، ولا قضايا الأمة، قدر مراعاتها لمصالح شخصية. وليس سرًّا أن تأثير هذا الخطاب على شرائح واسعة من المجتمع كان كبيرًا... لكن هذا مجرد عامل من عوامل اهتزاز الثقة بين المجتمع والإعلام. فهناك عوامل أخرى أكثر تأثيرًا في رأيي؛ فقد أكدتْ دراسة شهيرة ساهم فيها أكثر من (16) باحثًا -نُشرت في أبريل عام 2016، وتناولت محور الثقة بين الناس والأخبار (في أمريكا)- أن أهم العوامل التي تقف خلف متانة الثقة وهشاشتها هي الدقة في نقل الأخبار بشكل عام، والشمولية في تغطية القضايا، والشفافية والحياد في التناول، كما أشارت الدراسة إلى أهمية أن يشعر الناس أن الصحافة تمثلهم، وتنقل صوتهم. ومن النتائج اللافتة للدراسة أن الناس يميلون للثقة في مؤسسات معينة كالجيش، والأوساط العلمية، والمحاكم، والمنظمات الدينية أكثر من ثقتهم في الصحافة.

لقد لاحظتُ في أكثر من مناسبة، منها ردة الفعل تجاه مقالي عن برنامج صحوة، أن عدم الثقة ناتج عن سببين رئيسيين - يجمعان أغلب العوامل التي رصدتها الدراسة الأمريكية -: السبب الأول: أن المجتمع لا يشعر بأن الإعلام يهتم لرأيه (الحقيقي) في القضايا المهمة، وهو بذلك لا يُمثِّل صوت المجتمع. أما السبب الآخر: أن الجماهير تشعر بأنها تُدفع لخوض معارك بين تيارات فكرية متناحرة، لا يهمها إلا أن تثبت خطأ بعضها البعض، دون اكتراثٍ بالنتائج السلبية التي تتركها هذه الصراعات على المجتمع.

لاشك أن وسائل الإعلام مليئة بالكوادر المهنية والمحايدة، وبالبرامج الهادفة، لكن المشكلة أن أزمة الثقة تجعل تأثير هذه الجهود محدودًا، وهو أمر يدعو للحيرة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store