بطبيعتها مرحلة التأسيس قاسية، ولكن عزائم الرجال؛ تتقازم عندها المهمات الصعبة، بل تُولِّد التحدي مع الذات من أجل كتابة سيرتها بصيغة مُتفرِّدة في تاريخ صنعت تراتيله، وحدة أصبحت مضربًا للمثل في سِيَر المُحدَثيِن، ومُعجزة هذا التآلف أنه صهر بين ثناياه مُجتمعًا كان بالغ التعقيد في تركيبته القبلية؛ المُرتهنة لعاداتٍ وقِيَم تتحكَّم في تحركاته وتُوجِّه سلوكياته، سواءً أكان ذلك سلبًا أم إيجابًا، الأمر الذي يجعل اقتناع البُنى المُشكِّلة له في غاية الصعوبة، لما تُمثله من تهديدٍ مُباشر للمكانة، التي تتبوَّأها، والمصالح التي تتقاطع مع التغيير القادم بقوّة للساحة، ولكن الإرادة القوية المدعومة بالنيِّة الصادقة كانتا مصدر الإلهام للمؤسس وأعوانه من القبائل والأفراد، الذين حَمَلوا على عاتقهم إعلاء كلمة التوحيد.
وتوالت مسيرة التنمية عهدًا بعد عهد، وتطورت الأدوات وتنوعت الإجراءات وصبغ كل حاكم فترة حكمه برؤيته، التي لم تخرج عن الإطار العام والمنهج المُختَّط منذ المؤسس، وحققت أهدافها المرسومة في ظل الظروف والإمكانات المُتاحة، وقبلها التخطيط المُعتمد لكل مرحلة، حتى وصلنا إلى الجيل الثاني من أبناء المؤسس والمُنطَلِق بالأمير محمد بن سلمان الذي عُيِّن وليًِّا للعهد في بادرة أعطت الشباب الراية، ليرسموا ملامح مُستقبل الوطن برؤى تتّسق وطبيعة العصر، الذي هم جزء لا يتجزأ من تكوينه المعرفي والتقني، والأقدر على التعامل مع مُعطياته المتلاحقة ومُتغيراته المُذهلة، وتوظيفها في خدمة مساقات التنمية المُستدامة المُستهدِفة رخاء المواطن وتطوُّر الوطن.
ولعل رؤية المملكة 2030 القائمة على تنويع مصادر الاقتصاد، التي هندسها ولي العهد الجديد وتضمنت برامج جريئة وغير مسبوقة بهدف استبدال النماذج الكلاسيكية بأخرى متطوِّرة أخذت بعين الاعتبار التغيُّر الجذري في التعاطي مع كل الأحداث، إلاّ أن مُتغيِّر الوقت كان هاجس المهندس الشاب، ولكن مع تقدُّمه خطوة هامة في المؤسسة السياسية منحته القدرة الأكبر على اتخاذ القرارات الأسرع لتنفيذ الرؤية، التي تتطلب ديناميكية الشباب في عصر التدفق المعلوماتي والتقلبات السياسية والتذبذبات الاقتصادية نتيجة الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل؛ مما يعني أننا أمام مرحلة مختلفة عن سابقاتها شكلًا ومضمونًا، فالرؤية الطموحة والقائد الشاب هما أمل ومُستقبل الوطن الزاهر بإذن الله.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
