Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

صدق التواصل.. وجمود الرسائل!

ضمير متكلم

A A
ما زالت ذاكرتي رغم هِرمها تحتفظ بصور لـ(العِيْد) رسمتها نبضات قلوب بيضاء، ومشاعر صادقة، وعلاقات إنسانية جميلة ومتينة.

* فهناك في (محافظة الطائف)، وفي حَيٍّ -صغير وقتها، كبير الآن- يُسَمّى (الحَوِيّة)، وبالقرب من (مدرسة أجنادين الابتدائية) كان الأهالي عقب صَلاة العيد مباشرة يجتمعون في الساحة التي بين المنازل، على فُرُش شارك في إحضارها الجميع.

* كانت البهجة تعلو الوجوه الطيبة، والتهاني الرقيقة لا يقطع صَداها إلا أقداح الشاي والقهوة، التي يصنعها بعض شباب الحَارة بالجوار على نار هَادئة؛ أما الأطفال فيتشاركون التسلية بألعاب بسيطة اشتروها من العِيْدِيّات التي فازوا بها.

* بعدها يأتي الطعام، حيث يساهم كل منزل بما يَجَود به، وتسمح به ظروفه وإمكاناته دون خَجَل أو إسراف، حيث تُرتَّب الصحون بشكلٍ طولي، فيما يتنقل الرجال بينها واحداً تلو الآخَر، أما النساء فيجمعهن في مشهد مماثل غير بعيد أحد المنازل الواسعة.

* وبعد هذه الاحتفالية تأتي مرحلة زيارة كبار السِنّ والعجزة من الأقارب والجيران، وهكذا تستمر تلك المشاهد الرائعة التي تتجسد فيها معاني حُسْن الجوار، وتحيط بها فَرْحَة أصبحنا نفتقدها اليوم -للأسَف الشديد- حيث الاكتفاء برسائل تهاني تتناقلها مواقع التواصل الحديثة، عنوانها التكرار والجمود، وتغيب عنها (الإنسانية).

* اليوم ورغم التسابق على المحلات والسهر في شراء ملابس العِيْد وأغراضه، إلا أن الكثير مِنّا ينام في صَبَاحِه، متناسياً أفْرَاحَه، وصدقوني هناك مَن يبتهج برأس السنة الميلادية، ويسافر من أجلها، بينما تغيب الفرحة عن محياه وداره في أعيادنا الإسلامية.

* فهذه دعوة لاستعادة (الفَرح) في نفوسنا، وغرسه في حياة غيرنا أهْلًا وأصدقاء وأقارب وجيران، وتعالوا نمنح جزءًا من وقتنا هذه الأيام لبعض الفئات المنسية، كـ(الذين يسكنون المستشفيات أو دور رعاية الأيتام والمُسِنّين والأربطة)؛ والأمر لن يتجاوز أن نذكرهم بزيارة لبضع دقائق، وابتسامة تصحبها حلوى وهدايا رمزية، فتلك الزيارة ستُشْعِرهم بوجودهم، وقد تكون هي الوحيدة لهم بعدما تَجَاهَلهم الأهل والأحباب؛ فَلعَل مُعَايَدتهم تفتح لهم للأمَل ألف باب وباب.

* أخيرًا أرجو أن لا ننسى (رجال أَمْنِنَا الذي يسهرون على حماية داخلنا، وجنودنا المرابطين المدافعين عن حدودنا)، فلهم: (كل عام وأنتم بخير، نُقدِّر تضحياتكم، ونشكر إخلاصكم، وندعو الله لكم العون والنصر، كما ندعوه تعالى أن يحفظ على بلادنا أمنها واستقرارها، وكل عام والجميع بخير).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store