Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

خطورة التهميش الاجتماعي للشباب

A A
الشباب هم عماد بناء الأمة وتقدمها وتطورها، إن أحسنّا تربيتهم وتعليمهم وتوجيههم، ونمّينا قدراتهم وطاقاتهم، ووجهّناها الوجهة الصحيحة، وحاورناهم، واستمعنا إليهم، واحترمنا أفكارهم، ووفَّرنا لهم العمل الذي يستثمر طاقاتهم وإبداعاتهم، مع تناسبه مع تخصصاتهم وتحصيلهم العلمي.

وفي المقابل قد يكون الشباب معول هدم وتدمير وخراب، إن أهملناهم وهمّشناهم، وأسأنا تربيتهم، وتعليمهم وتوجيههم، ولم نُوفِّر لهم فرص عمل مناسبة، وقطعنا كل وسائل الحوار والتواصل معهم، فلا نعرف في ماذا يُفكِّرون؟ ومع مَن يتواصلون؟ فأمثال هؤلاء يكونون مُهيَّأين للوقوع في مستنقع الإلحاد، أو الإرهاب، فيُعمل لهم غسيل مخ، ليكونوا ملحدين أو مُتطرِّفين دينيًا، ويُغرس الإلحاد، أو التطرّف الديني في أذهانهم بشكلٍ لا يمكن اقتلاعه، وتفشل أمامه كل وسائل وسبل إصلاحهم وتقويمهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه: أين نحن من شبابنا؟!

هل نحن كآباء وأمهات نتحاور مع أولادنا، ونكسب صداقتهم، فلا يخفون عنّا ما يرتكبونه من أخطاء، ومع مَن يتواصلون، وكيف يُفكِّرون، وماذا يريدون؟.

وهل نحن كمؤسسات تعليمية لا تزال العملية التعليمية لدينا قائمة على التلقين والحفظ الصم، وعدم إعمال العقل في الفهم؟.

وهل مناهجنا التعليمية تُواكِب تَطوّر العقل البشري والتطورات العلمية المتلاحقة، وتُلبِّي متطلبات سوق العمل؟.

وهل عملت مؤسساتنا المعنية على غربلة الخطاب الديني السائد، ونقّته من نبرات التشدد والتطرّف؟!.

وهل مؤسساتنا التشريعية سنّت أنظمة تفرض عقوبات على أصحاب الفتاوى التكفيرية، ومَن يُصنِّفون الناس هذا علماني، وهذه ليبرالية، وذاك كافر وتلك زنديقة، فيستبيحون سبّهم وشتهم وقذفهم؟.

وهل نحن كمؤسسات معنية بالشباب أولت اهتمامها بهم، ووفّرت لهم وسائل الترفيه، وعملت على تنمية مواهبهم، وشغل أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع والفائدة؟.

وهل نحن كمؤسسات قطاعي عام وخاص عملنا على خفض نسبة بطالة النساء لدينا، التي تعتبر أكبر نسبة بطالة نسائية في العالم؛ إذ تتراوح بين 32 - 34%، مع وجود نسبة بطالة للرجال تصل إلى 6.2%، في وقت نجد المادة (77) من نظام العمل السعودي بعد التعديلات الجديدة ستزيد من نسبة البطالة بإعطائها لصاحب العمل حق فصل الموظف من عمله قبل انتهاء عقده بتعويض مالي لا يقل عن أجره عن شهريْن، فهذه المادة لا تحمي موظفي القطاع الخاص من الفصل التعسُّفي، سواءً عقده مُحدَّد بمدة، أو غير محدد، ما لم يتضمن العقد تعويضًا مُحدَّدًا مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسببٍ غير مشروع، وهذا يعني أنّ مصير مليون ونصف من السعوديين الذين يعملون في القطاع الخاص عُرضة لأهواء أصحاب المؤسسات والشركات أو القائمين عليها، فقبل التعديلات الأخيرة كان المواطن إذا أمضى ثلاث سنوات أو أكثر في القطاع الخاص يتمتَّع بحصانة من الفصل إلّا لأسباب مشروعة ومُقْنِعة.

فخلاصة القول: علينا كأسر ومؤسسات حكومية، وقطاع خاص ومؤسسات مجتمع مدني أن نحتضن شبابنا، ونستثمر كل طاقاتهم ومواهبهم لبناء وتطوير مجتمعاتهم، ونسد كل المنافذ والثغرات التي يمكن أن ينفذ إليهم منها مُخطّطو الإرهاب والإلحاد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store