Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

هل بلع إعلامنا الطعم؟!

A A
* في 12 أغسطس 1990، وبعد عشرة أيام من تورُّط صدام حسين بدخول الكويت، وهو العمل الذي أدانه العالم منذ لحظاته الأولى، خرج صدام على الملأ بخطاب شعبوي ملتهب حاول فيه استدرار تعاطف الجماهير العربية، رابطا خروجه من الكويت بخروج إسرائيل من فلسطين!، وانسحاب القوات السورية من لبنان!. وإمعانا في كسب دهماء العرب وتحريك أطماعهم، طالب في خطابه بتوزيع الثروات العربية! محاولا تقمُّص شخصية (روبن هود) اللص الذي كان يسرق الأغنياء ليعطي الفقراء!. والعجيب أنه رغم فجاجة الخطاب الذي كان مترعا بالشعارات البعثية الحمقاء إلا أنه نجح إلى حدٍّ كبير في تجييش غوغاء العرب، وتغيير مواقف بعض الدول والمنظمات التي حرَّكتها الأطماع والأحقاد، فانضموا إلى معسكر صدام طمعا في حصة من الكعكة.

* اليوم تحاول قطر كسب التعاطف العربي والدولي بنفس الطريقة، وبذات الخطاب القائم على الاستعطاف، أملا في تحسين موقفها السيئ.. فتارة تُصوّر المقاطعة وكأنها حصار؛ هدفه تركيع دولة صغيرة! وتارات أخرى تُظهر نفسها وكأنها تدفع ثمن دعمها لقضايا العرب والمسلمين، كما فعل صدام في خطابه الشهير!. لكن النجاح الأكبر للإعلام القطري (المدعوم بخبرات مرتزقة الجزيرة) كان في قدرته على فصل الأزمة الحالية عن أسبابها الأصلية، من خلال التركيز على قائمة المطالب وتجاهل أسبابها الأصلية، في محاولة للقفز على سنوات طويلة من دعم الإرهاب، والإساءات والدسائس لجيرانها.. والعجيب أن العديد من وسائل إعلام الدول الأربع قد انجر إلى الخديعة، حين انشغل بنقاش قائمة المطالب، ونسي التركيز على أسبابها العميقة!

* تعاطف بعض الجهات مع حكومة قطر لا يعود لقوة الموقف القطري، بل لقوّة إعلامه الذي اختزل الأزمة في قضية المطالب، ولتقصير كثير من وسائل إعلامنا الذي كان الأجدر به التركيز على إنتاج خطاب هادئ وعقلاني، يُوضِّح للعالم حقيقة هذا النظام المؤذي، ويكشف أن سبب الأزمة الحقيقي ليس إغلاق قناة الجزيرة كما تقول الدوحة، بل هو دعمها للإرهاب، ومحاولاتها حكم المنطقة من خلال تمكين جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها ما يسمى بالإخوان المسلمين.

* مخاطبة العواطف أسلوب إعلامي كلاسيكي هدفه تجاوز التحليل العقلاني، وتزييف الواقع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store