Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

ظاهرة فيها عبر!

ملح وسكر

A A
في شوارعنا الرئيسية في مدننا الكبيرة ظاهرة تستحق النظر وتستثير العبر! إنها المكاتب العقارية التي كانت على مدّ النظر. وكان من صيغ المبالغة الجزم بأنه (بين كل مكتب ومكتب مكتب)، تمامًا كما هو حال مطاعم دجاج البروست في زمنٍ مضى.

كيف حدث كل ذلك الزهد المفاجئ؟ وهل هو فعلا مفاجئ؟ طبعًا لا؟ منذ سنوات، والعقار محل شد وجذب، وأخذ ورد. كان مسلسلًا شيقًا تأليف وإخراج وإنتاج وبطولة وزارة الإسكان الموقرة، التي وعدتنا بأحلام حدها السماء، وانتهى الحال إلى سراب يُحسب أنه ماء!

زهد الزبون في العقار، فزهد فيه كثير من المتمصلحين وأصحاب مكاتب العقار، وباتت هذه المكاتب عبئا ماليا على أصحابها بعد أن كانت كنزًا ماليًا في عقودٍ مضت. هل في ذلك خير؟ ربما حتما! فقد كانت تجارة الكسالى والواصلين: لا تنتج أي قيمة مضافة لا للمجتمع ولا إلى اقتصاد البلد، بل هي ملايين تنتقل من رصيد إلى رصيد، وصكوك أراض تتنقل ملكيتها من اسم إلى اسم. وبسبب كثرتها، ارتفعت أسعار الأراضي، حتى إنه أحيانا يزيد ثمن الأرض الواحدة يوميا عدة آلاف من الريالات، لتنقلها من مكتب لآخر طمعا في قيمة (السعي) أو العمولة، وقدرها 2,5%

. وأحيانا يتقاسم أكثر من مكتب مبلغ العمولة لأن لكل منهم نصيبًا من الإعلام بها، وحض المشتري على الوقوع في براثنها.

وقديمًا كان بيع المخططات يتم بصورةٍ عشوائية بدائية، فهو قبل عرضه، وأثناء عرضه، يخضع لعمليات اختطاف متعددة بدءاً بالمالك نفسه وأحبته، ثم بعض (العقرجية) الموسرين الذين يشترون (بلكات) كبيرة بأسعار طيبة، ليبيعونها لاحقًا متفرقة، وبعد أن تزداد أثمانها ويكثر طلابها.

أما اليوم، فقد تلاشت هذه المخططات تقريبًا، لأنها لم يبق منها شيء، فقد طارت الطيور بأرزاقها ومنحها وصكوكها وتطبيقاتها. لكن طبعًا بقيت آثارها مترجمة إلى ملايين الأمتار المربعة الخالية في قلب كل مدينة من مدننا الكبيرة التي تشكو شحًا هائلًا في مساحات تُخصص لخدمات حيوية مثل الصحة والتعليم والأمن، فضلًا عن مساحات كبيرة لإنشاء وحدات سكنية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store