Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

خذوا العبرة من سيارات الأجرة

الحبر الأصفر

A A
إذَا أَرَدتَ أَنْ تَعرف الفَرق بَين أَمريْن أَو شَيئيْن، فاعمَل بَينهمَا مُقَارنَة، وهَذا مَنهج عَربي قَديم فِي التُّرَاث، حَيثُ قَالت العَرَب: (وبضدّها تَتبيَّنُ الأشيَاء).. لذَلك دَعونَا نُقَارن اليَوم بَين سَائِق سيَّارة الأُجرَة فِي دُبي -بضَمِّ الدَّال-، وسَائِق سيَّارة الأُجرَة فِي جُـدَّة –

بضَمِّ الجِيم-، حَتَّى نَتبيَّن أَيُّهمَا أَكثَر إهمَالاً؟ وأَيُّهمَا أَوفر فَوضَويَّة..؟!

بشَكلٍ عَام، عِندَما تَركب مَع سيَّارة أُجرَة فِي دُبي، فإنَّ السَّائِق يَأمرك فَوراً برَبط الحِزَام، ولَا يَسعَكَ إلَّا أَنْ تَمتَثل لهَذا الأَمر، وقَبل أَنْ تَنطَلق السيَّارة؛ يَقوم بتَشغيل العَدَّاد، حَتَّى تَكون الأمُور مَحسوبَة ومَضبوطَة، وإذَا سَألتني عَن بِيئةِ السيَّارة، فالرَّائِحَة فِيهَا مَقبُولَة، وتَرتَقي إلَى مستوَى الجيّد، إضَافةً إلَى إلمَام السَّائِق باللُّغَة الإنجليزيَّة، وإحَاطته بالعَنَاوين والأمَاكن؛ التي لَا تَخفَى عَلى مِثله، مِن أَصحَاب سيَّارات الأُجرَة..!

فِي الجِهَةِ الثَّانية، حِين أَركَب مَع سَائِق سيَّارة أُجرَة فِي جُدَّة، وأُحَاول أَنْ أَربط الحِزَام، يَقول السَّائق عَلى الفَور: (خَلِّي وَلِّي حِزَام، طَريق مَا فِيهِ تَفتيش، لِيش انتَ خُوف يَا صَديق؟، كُلُّ نَفَر مَا فِيهِ يِلبس حِزَام).. أمَّا عَدَّاد المَشَاوير فهو فِي إجَازَة، مُنذ أَنْ بَدَأت السيَّارة فِي العَمَل، وقَد تَم تَركيبه –

فَقَط- مِن أَجل الحصُول عَلى تَرخيص سيَّارة الأُجرَة، وبالتَّالي فإنَّ تَسعيرة المَشَاوير؛ خَاضِعَة للعبة التَّفاوض والخِبرَة والتَّكهُّن، وإذَا لَم تَكُن مِن أَصحَاب المَواهِب فِي هَذه المَزَايَا، فمِن الله وعَلى الله العَوَض..!

وإذَا اتّجهتَ بنَظرك إلَى بِيئَةِ أَكثَر سيَّارات الأُجرَة فِي جُدَّة، ستَجد المَقَاعد مُلطَّخة ببُقع وأَوسَاخ مُترَاكمة، وتَفوح مِن السيَّارة رَائِحَة زيت الشَّعر، الذي يَستَخدمه أَغلَب السَّائقين –

خَاصَّة مِن الجنسيَّة الهِنديَّة أَو البَنغاليَّة-، أَمَّا مُكيِّف السيَّارة، فتَنبَعث مِنه رَائِحة سَجَائر «قولد ليف»، التي يُحبّونها، رَغم أَنَّ رَائِحتهَا أَسوَأ مِن رَوَائِح أَكثَر أَنوَاع السَّجَائِر..!

أمَّا المَواقِع، فسَأكون مُنصِفاً وأَقول: إنَّ سَائِق الأُجرَة فِي جُدَّة يَعرفها فِي الغَالِب، ولَيس ذَلك بسَبَب جَدَارة مِنه، وإنَّما بسَبَب كَثرة اللَّفلَفة طُوَال اليَوم، بَحثاً عَن زَبَائِن فِي أَرجَاء جُدَّة المَعمُورَة..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَنْ أُؤكِّد أَنَّ لُعبَة المُقَارنَات لُعبَة مُفيدة، وسأَكتفي بهَذا القَدر مِن المُقَارنَات، حَتَّى تَستَقيم الأمُور، ويَتم إصلَاح الخَلَل، والأَكيد أَنَّ الإصلَاح الذي أَقصده، هو إصلَاح الخَلَل فِي سيَّارات الأُجرَة فِي دُبي، وإذَا حَدَث ذَلك، سأَكتب مُقَارنَات أُخرَى حَول مَا تَم إصلَاحه، ومَا بَقي صَامِداً مِن الفَوضَى..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store