Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

الموصل: ماذا بعد التحرير!!

A A
سقطت الموصل بيد القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي، وهي بمصطلح الحرب تحررت من أيدي مجرمي داعش. لكن هل تحررت الموصل فعلاً مما ألّم بها من دمار وقتل وتشريد لأكثر من مليون نسمة من أهلها ؟ ،هل تحررت من ظلم داعش، لتقع في ظلم الحواشد، وأعني بهم ميليشيات الحشد الشعبي براياتهم المختلفة وأسمائهم المتنوعة وشعاراتهم الطائفية وتصريحاتهم الحاقدة.

في مقال يوم أمس أشرت إلى نموذج صارخ مؤلم ومشهد صاعق مؤثر يصور مجموعات من عشرات أو مئات السكان السنّة كباراً وأطفالاً يسيرون (عراة إلا من ساتر عوراتهم المغلظة) ومعهم نساء وعجزة، فوق أرتال الركام الخرساني المتناثر، حفاة لا طعام يتناولونه، ولا ماء يشربونه في عز ظهيرة عراقية شديدة الحرارة. كان مشهداً يصور بجلاء بالغ الإذلال ومنتهى القهر والجور والبؤس.

وهذه مجلة التايم الأمريكية شاهدة على مدى الإصرار على الجور والظلم الذي تمارسه قوات الحشد الشعبي الشيعية ضد أهل الموصل السنّة، فهي تذكر على لسان المقدم كولونيل جبار مصطفى قوله: (إن 99% من سكان الموصل يُتهمون بأنهم عوائل تنظيم الدولة !). ولذا فهم يُسحبون على وجوههم إلى مراكز كبيرة للاعتقال والتحقيق تحت التعذيب والقهر والجور من قوات الحشد الشعبي. ومن هذا المنطلق يشعر كثير من أهل الموصل بأن المدينة اليوم محتلة من قوات الحشد الشعبي ، وأنهم لن يتمكنوا من العيش فيها بسلام.

وأي سلام يمكن أن تعيشه المدينة في ظل الدمار الهائل الذي لحق بها، فلا ماء ولا كهرباء ولا شوارع ولا مأوى ولا بنى تحتية، ولا أي شيء من مقومات الحياة الطبيعية العادية. لقد كانت الموصل قبل 2014 مدينة رائعة جميلة، فإذا هي اليوم غاية في القبح، ليس بسبب حجم الدمار الذي لحقها فحسب، وإنما لأن أهلها الذين ظُلموا في وجود داعش، لا يتوقعون إلاّ ظلماً أشد في ظل الحواشد.

ويتحدثون عن مشروعات البناء والتعمير بعد هذا الدمار، بناء للجماد وتعمير للشوارع، ويتناسون أن بناء الثقة المجتمعية وتعمير اللحمة الإنسانية هو المطلوب أولاً، فبهما تعمر الأوطان مهما طال بالعمران الزمان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store