بعض الشركات.. حاضر مؤلم ومستقبل غامض

لَعلّي لا أستَبق الأحداث.. ولكني أرى من وجهة نظري الخاصة ضرورة التفكير العميق في المستقبل القريب.. وأقول هنا القريب لأن المستقبل البعيد سيكون متعايشًا ومقبولًا.. أما الأكثر صعوبةً وألمًا ومعاناة هو القريب..

لذا فإن الشركات تُفكِّر فيما هي فيه الآن.. كانخفاض مبيعاتها الذي أدى بها إلى التنازل عن مخزونها بسعر مخفض.. متنازلين عن التمسك بأسعارهم السابقة وتميزهم المعروف لدى عملائهم..

أدى ذلك الانخفاض في سعر المبيعات.. إلى توازن المبيعات مع ما قبلها من السنوات وأكثر منها.. وبذلك احتفظت الشركة بحصتها السوقية وبعملائها القدامى وأضافت عملاء حديثي التعامل معها..

لكن ينتج عن ذلك انخفاض في نسبة الأرباح بالرغم من تساوي المبيعات.. ويؤدي بالتالي إلى تصريف المخزون.. واستعمال الإيرادات في الوفاء بالتزامات الشركة سواء مع الموردين أو الدائنين..

وأيضًا سوف تنخفض الأرباح الإجمالية.. مما يُؤثِّر على سمعة الشركة المعنوية وتفقد بعض الثقة من عملائها ومساهميها.. ومن ثم قلق موظفيها وعدم شعورهم بالأمان نحو البقاء في الشركة..

ونتيجة للظروف المحيطة بالجميع.. فإن الأقل كفاءة سوف يتمسك بعمله.. أما الأكفاء فيبحثون عن عملٍ آخر أو يقومون بعملٍ خاص بهم.. وهذه طامة اجتماعية كبرى.. فمن ناحية خسرت الشركة الكفؤ ولم يُقدِّم لنفسه أو مجتمعه ما يفيد.. لأن الدراسات تفيد بأن 85% من هؤلاء لم يحققوا النجاح في عملهم الجديد..

تفكر الشركات في الاستغناء عن بعض كوادرها لتخفّض مصاريفها.. ولابد لها من دفع نهاية الخدمة.. وقد يكون ذلك أيضًا عبئًا عليها.. أما الموظف المواطن فربما يلجأ إلى المحاكم العمالية ليطالب بتعويض أكبر وشعور بأنه الأحق في البقاء..

وتبدأ الشركة في الاستغناء عن بعض أصولها لإيجاد سيولة أكبر.. ووفاءً أكثر لمورديها ودائنيها.. وقد لا توفق في البيع لهذه الأصول ولو بسعر أقل.. وليس هناك من له رغبة في الشراء.. وربما ترهن الأصول وتتحمل أعباء أخرى..

إن الوضع الاقتصادي بالنسبة لشركات التجزئة سيكون صعبًا ومؤلمًا أحيانًا ومؤرقًا أحيانًا أخرى.. فما هو الحل؟

أرى أن تبدأ الشركات في القوقعة.. أي الاستغناء عن محلاتها التي لا تؤدي المطلوب.. وأن تبدع في أفكارها وتطورها التقني والتكنولوجي.. وتجد حلولًا نافعة لمستقبلها..

وأرى أيضًا أن تتنازل الشركة عن فروعها الممتدة خارج منطقتها.. وتكتفي فقط بمحلات معدودة تركز عليها.. لتعيد بناء الثقة.. وزيادة المبيعات والأرباح المحتملة التي تكون جراء تخفيض مصاريفها واستهلاكاتها..

إلا أن هذا الأمر لن يكون بالسهولة التي كتبت بها.. فقد يحتاج الأمر إلى تضحيات أخرى.. وجهد مضاعف.. وولاء الموظفين والشعور بالمسؤولية ليحققوا الأهداف..

بتجربتي فإن السواد الأعظم يتكاثرون وقت النجاح.. وينعدم وجودهم وقت الشِّدّة.. إلا من رحم الله..

هناك بعض المؤسسات العائلية التي سوف تعمل على ذلك بدون ضوضاء أو معرفة من الآخرين.. وتسير بهدوء نحو ما يكتبه الله لها.. ولكنها تكافح وتجاهد ولا يعرف عنها أو عن مصيرها غير أهلها ومالكيها.. وقد تنجح ببطء وبتماسك.. أما الشركات المساهمة فهي مكشوفة وواضحة المعالم..

إن المستقبل القريب يحتاج منا إلى التضحية والصبر والكفاح للبقاء.. وسوف نتعايش مع ذلك العمل وتزداد القدرة على التحمل وبشكوى لا تدخل العناية المركزة..

الأيام المقبلة تحتاج إلى أفكار وإبداع ومهارات كل في عمله وطريقة إنتاجه.. ولا ينجو إلا من أراد لهم الله النجاة وألهمهم رشدهم.. فلا يكونوا من المُحمّلين بالأعباء..

وتتجه نواياهم إلى أن يعيشوا في حياة مستورة.. حتى يأتوا بإلهام من الله بأبواب تفتح.. وينطلقوا في البناء لخير أمنهم ومجتمعهم وورثتهم من بعدهم..

هذه هي الحياة.. لاشيء للأبد.. ولا يأس ولا قنوط..

سيجعل الله بعد عسرٍ يسرًا.. ومن يتق الله يجعل له مخرجًا..