Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

الدماغ عندما يشتعل

A A
هل يمكننا أن نتخيل بأن يحترق الدماغ ويشتعل؟.. سؤال غريب لا يمكن أن نتوقع إجابته. كيف لنا أن نفهم طبيعة العقل البشري في التصرف تجاه الأزمات النفسية؟

ما دعاني لكتابة هذا المقال الخاص بعمل الدماغ البشري، ذلك الفيلم الأمريكي الذي نصحني أخي بمتابعته، وهو تجسيد لقصة حقيقية لفتاة كانت طبيعية وفجأة طرأت عليها تصرفات غير سوية وغير منطقية جعلت من حولها في حيرة من أمرهم، بل حتى الأطباء عجزوا عن تشخيص حالتها، فأمرها عجيب، وهي أيضًا أصبحت تلجأ لمحركات البحث لتُشخِّص حالتها من اكتئاب ثنائي القطبية إلى الذهان أو الشيزوفرينيا وكلها علل نفسية وحار الأطباء لعدم استجابتها لكل العلاجات، التي يُقدِّمونها لها على أمل أن تتحسن حالتها، ولكن المصيبة أن حالتها ازدادت سوءًا ومعاناة إنسانية كبيرة لأهلها وزملائها في العمل، حتى كادت أن تفقد وظيفتها بسبب تصرفاتها غير المسؤولة، والتي قد تُصنَّف من قِبَل غالبية الناس بأنها حالات هذيان وجنون أو تعاطي حبوب هلوسة.

الرسالة التي يُقدِّمها هذا الفيلم بأن هناك عللًا لا نعرفها وأمراضًا جديدة قد لا تخطر حتى على بال الأطباء الذين يُخطئون أحيانًا في التشخيص، وهذا حال كل البشر، وربنا جل في علاه يختص من عباده بعلمٍ ومفاتيح معرفة لا تكون لعامة الناس، وهذه الفتاة في الفيلم وجد أهلها وأصدقاؤها علاجًا لها عند طبيب واحد آمن بأن لكل داءٍ دواء، وأن خلايا الدماغ قد تتعرض لهجوم شرس من داخل الجسم، وجهاز المناعة قد يتداعى ويعتل، والأفكار قد تُدمِّر خلايا الدماغ بشكلٍ عجيب، وأن كل أدوات التشخيص المتعارف عليها قد تعجز عن التشخيص الدقيق.

كم من معتل بيننا طرأت عليه تغيُّرات نفسية وسلوكية ولم يتم تشخيص حالته بالشكل السليم؟.. وكم قسا عليه أفراد المجتمع ودمروا حياته ونبذوه ونعتوه بأبشع الصفات وهم لا يعرفون سبب علته.

لنكن أكثر تراحمًا فيما بيننا، فالحياة أصبحت صعبة، مشاكلها وهمومها كثيرة، وقد لا يتقبل الإنسان هذه التغيُّرات والمشكلات بنفس ردَّات الفعل، فبيننا مَن تعرَّض للعديد من الضغوط، التي تجعل الحليم حيران.

في قصة هذه الفتاة شدّني تلاحم أفراد الأسرة والأصدقاء ليكونوا سدًا منيعًا أمام تدهور الحالة النفسية للفتاة، وليكونوا عونًا لها في مواجهة المرض وتخطي الأزمة والتماثل للشفاء العاجل.. أقرأوا كثيرًا عن خلايا الدماغ، وكيف يعمل وكيف نُفكِّر وكيف نُواجه المشكلات، فعمل الدماغ عمل مُعقَّد للغاية، فسبحان الله أحسن الخالقين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store