Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
لمياء باعشن

سوق عكاظ وضيوف بلا استضافة

A A
من المعتاد مع كل حدث ثقافي ضخم، كالجنادرية ومعرض الكتاب ومؤتمر الأدباء ومؤتمر المثقفين، أن تتم دعوة مجموعات مختلفة من المثقفين من جميع أنحاء المملكة لحضوره وإثراء فعالياته، وتلك لمحة تكريمية للمثقفين، لكنها أيضاً مؤشر على أنهم وقود كل حدث ثقافي والدينامو المحرك له، سواء كانوا مشاركين أو حاضرين. لكن ما جرى في تنظيم دعوات الحضور في سوق عكاظ هذا العام كان مستغربًا وغير مسبوق.

كلنا يعرف أن قائمة المدعوين من المثقفين تتغيَّر من مناسبة لمناسبة، وهذا أمر طبيعي، فلا يمكن دعوة كل اسم يُذكر في الساحة الثقافية في كل مناسبة، ولا بد من الاختيار والانتقاء والاستبدال، ومن حق لجنة الدعوات في سوق عكاظ أن تستثني من المثقفين من تدعو أو لا تدعو، خاصة في ظل الميزانية المتوفرة لديها. نحن إذًا لا نتحدث ولا نعترض على أسماء المدعوين من المثقفين أو على أعدادهم، ولكننا نقف طويلًا أمام الكيفية والآلية التي انتهجتها لجنة الدعوات.

كيف خطر ببال أي عضو في اللجنة بأن يُفرّق بين المدعوين في نوعية الدعوة، وذلك باختراع طريقة يستضيف فيها بعضهم، ويهمل بعضهم الآخر، وذلك حسب معيار عجيب هو المسافة الفاصلة بين موقع الحدث وبين المكان الذي يقطنه المثقف، فالقادمون من مناطق بعيدة لهم الحق الكامل في تذاكر السفر والإقامة الشاملة في الفندق، أما القادمون من مناطق «قريبة»، فلا شيء لهم سوى بطاقة دعوة لا تختلف في جوهرها عن الدعوة العامة المعلن عنها في وسائل الإعلام.

الآن، أنت مثقف، وتأتيك دعوة شفهية على هاتفك، ثم تليها دعوة مكتوبة على بريدك، هل يخطر ببالك، وأنت الذي اعتدت على أن تستلم دعوات مشابهة على مر سنوات، أن هذه الدعوة عامة؟، هل يمكن أن تعتقد أنك، إن كنت من سكان الباحة مثلاً، فإن لجنة الدعوات تتوقعك أن تحضر إلى الطائف كل يوم وتعود إلى مقر سكنك في الليل، ثم تعاود الرحلة في الصباح، لمجرد أنك دُعيت كتابياً؟.

ولذلك اعترض الكثير من المثقفين على طريقة الدعوة الناقصة، وعلى زمن إرسالها، وعلى عدم متابعة المسؤولين لتوضيح الآلية الجديدة التي تُفرِّق بين «الدعوة» و»الاستضافة». وإن كان ذلك السيناريو العجيب لن يخطر ببالك، فليس من الغريب أن تقطع المسافة إلى الفندق الذي يُستضاف به المثقفون أمثالك، وأن تقف على الموظف مطالبًا بغرفة مثلهم. كان الوضع محرجًا جدًا للشاعرة زينب غاصب حين ظنت أنها مدعوّة ووصلت إلى الطائف من جدة لحضور حفل الافتتاح مساء، والذي لم ينته إلا عند منتصف الليل، وحين عادت للفندق بحثاً عن غرفة قيل لها لا يوجد لك استضافة، ولا حجز باسمك لتدفعي أجرة غرفة على حسابك الخاص. كانت الدعوة الكتابية التي بيدها لا قيمة لها، وكان الوقت متأخرًا، واحتارت في أمرها حين تبيَّن لها أن لا حق لها حتى في سيارة آمنة تعيدها إلى جدة في تلك الساعة من الليل.

لم يقدم مدير سوق عكاظ عبدالله السواط، أو المسؤول عن الدعوات عبدالكريم الفالح سبباً واحداً للمفاضلة بين المثقفين حسب المناطق. إن كان هناك عجز في الميزانية، فلا داعٍ للدعوة الناقصة التي تم إرسالها شفهياً وكتابياً، وإن كان هناك ضغط على الفنادق في موسم الإجازات فمن العدل توزيع أيام الاستضافة بين المثقفين بالتساوي على مدى أيام المهرجان العشرة.

أما أن تتم ملاحقة المثقف على الهاتف بإصرار للتأكد من رغبته في حضور المهرجان، والحرص على إرسال دعوته على بريده، ثم يتم التنكُّر له ومعاملته كزائر ثقيل لا مكان له، فذلك أمر غير مقبول.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store