جاء قرار إنشاء جهاز أمن الدولة كأبرز القرارات التي صدرت مساء الجمعة الماضية في خطوة إيجابية لتوحيد الجهود ضد المساس بالأمن القومي من جهة وتخفيف العبء عن كاهل وزارة الداخلية -التي قامت بجهودٍ مشكورة في التصدِّي لظاهرة الإرهاب التي استنزفت جُل مواردها- وتوجيه عملها نحو الشأن الداخلي المتعلق بأمن المُجتمع من جهةٍ أخرى، وهذا الإجراء يدخل ضمن إعادة هيكلة المؤسسات بهدف الرفع من كفاءتها والتقليل من الهدر المادي والبشري.
لذا فالمُتتبع للقرارات الملكية الأخيرة يجد فيها تصحيحاً لبعض التنظيمات التي فرضتها ظروف مُعينة في السابق -قد يكون لها وجاهتها- ولكن مع ثورة التغيُّرات التي أصبح مجرد مُتابعتها ضرباً من الخيال، وجب إعادة النظر فيها إما بالتطوير والتحسين، وهذا ما يُنادي به مُدخَل الجودة الشاملة أو بالتغيير الجذري استناداً إلى مبادئ مُدخَل إعادة هندسة العمليات الإدارية؛ مما يعني أننا أمام مرحلة تأريخية لتحديث مؤسسات القطاع العام التي لا خيار أمامها إن أرادت تحقيق الأثر في مُحيطها وكسب ثقة المتعاملين معها إلا بتطوير أو تغيير منظومة إجراءاتها الكلاسيكية ببدائل أكثر ديناميكية وفاعلية.
ولعل وجود هذا الجهاز على رأس الأجهزة الأمنية ليس بِدعاً، بل هو متوافر في الكثير من الدول، وما قرار إنشائه سوى مؤشر للاستفادة من الخبرات السابقة في هذا المجال، وتحقيق أقصى درجات الأمن الذي هو عصب الحياة، وباهتزازه تتساقط المُقدرات وتتلاشى المُكتسبات مهما كانت قوتها أو جودتها، وكل ما نأمله من الجميع هو تعزيز هذه التنظيمات -كلٌ في مجاله، وبحسب قدرته- لتكتسب قوتها المأمولة التي تحظى برضا المجتمع، بعد أن أعطاها القرار الملكي قانونيتها تأسيساً للمبدأ الذي نادى به الأمير نائف بن عبدالعزيز -رحمه الله- ونصّه هو «أن المواطن هو رجل الأمن الأول».
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
