Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كيف أذكره إذ لست أنساه؟!

No Image

A A
بضع خطوات كانت تفصل بين مقعدك الخشبي، وحيث أجلس أنا في أحد مطارات المدينة، ورغم المسافة القصيرة بين مقاعدنا إلا أن شعور السعادة يسكنني في ظل وجودك الصامت، فأنت القريب حين يولد الاحتياج إليك.

في غضبك أو فرحك أو تغير مزاجك.. كنت قريبًا جدًا.. وأثق بقربك.. سألتك في بضع مرات متى موعد مغادرتك؟؟ وكأنني أريد أن أقتل اليقين برحيلك في نفسي والذي أتحسسه كلما طالعتني صورتك في صحيفة ما.. بوهم كلمة: لا تخافي لن أغادر.. ولكنك غادرتني.. جمعت حقائبك في ليل أسود.. وسارت بك أقدامك للفراق..

فاجأني صوتك لأول مرة كبشارة جديدة للفرح والحزن معا!!! خمس دقائق تزيد ثواني معدودات عمر صوتك في مسمعي: حان وقت مغادرتي!! لا أدري لماذا حتى عندما نملك اليقين بالرحيل.. نبكي ألما عند حدوثه؟؟ نبكي حسرة، ندما، وجعا، مرارة؟

غادرتني وأنا مازلت أعيد صياغة الكلمات والعبارات حين أرسلها لك حتى تبدو عاقلة، متزنة لا شبهة للحب فيها!! غادرتني وأنا مازلت أكتبك بين السطور كلما راودتني نفسي بشهية الكتابة!! غادرتني وسافرت إلى أرض بعيدة وأنا عالقة في قيود الخوف أن يتسرب إليك نبأ مشاعري من خلالي حين التقيك!! ليس كل أولئك الذين يجلسون بجوارنا في طرق الحياة قادرين أن يصنعوا لهم وشمًا أبديًا في أرواحنا.. وجع الغياب يكمن في أنه يلقي بك في السأم والكآبة وحزن بلا ملامح.. تبكي حتى تغرق بملوحة دمعك وحرارته.. غادرتني وأنا مازلت أجهل فنون النسيان وضوضاء التوديع ومراسم احتضان المسافر.. كيف أنسى بشرًا لم يمسسني بجرح؟؟

سأخبرك سرًا.. غيابك يلقي بي في تلك الحالة الموحشة والموجعة ما بين التصديق والتكذيب وكنت أعلم حقيقته من اللقاء الاول والسؤال الأول.

يؤقظ مدن الحنين الجارف للبحث عنك في تفاصيل صغيرة ماضية.. في الكلمات.. وكم أبدو مريضة بالأمل المتسع الفضفاض للقائك على طريق ما.. فمن يخبئ لون البحر الفيروزي في أعماقه لا يستقر في مدن القسوة.. عابرسبيل.. للعالم الأخرس.. لكل الوجوه.. عابرعمر.. حجزت له مقعدًا برفاهية العشق في قلبي.. ويبقى الغياب قدرًا إلى أجل مسمى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store